فإحساس الأديبة بالخوف على حياة أمها جعلها تشعر بالقلق والوحشة، وقد عبرت عن هذا بمثل: الوحدة، الشبح، الليالي المرعبة، الليل الخائف، الغفوة الخاطفة.. ومع أن الفكرة بسيطة يسرة إلا أن خيالها المبدع قد صبغها بألوان من الحزن نمّ عن حالتها النفسية وجعلنا نشاركها في أحزانها ومصابها.
ومن الأوصاف ما كان واقعياً، ولا سيما في مجموعتها الأولى الرحيل فالبحر في قصتها " الصمت الصاخب ": " يرسل إشاراته التحذيرية واحدة تلو الأخرى، شاهراً أسلحته أمواجاً صاخبة تنطلق مسرعة نحونا " والفتاة تعبر عن رؤيتها فتقول: " لا بد من اللحاق بوالدي.. الدقائق تمر من عمر الساعة، ودقات قلبي تزداد سرعة واضطراباً، تتلاحق أنفاسي، ومن حولي تكاثفت المخاوف من هول هذا الاتساع الموحش "(١٢١) .
فالبحر هنا هائج يحذر الناس منه، وكأن مدّه صار إنذاراً أدى إلى خوف البطلة وإحساسها بأن الزمن يمر بسرعة على غياب أبيها ولا بد من اللحاق به لإنقاذه.. وهذا كله يحدث في بيئة صحراوية وبحرية معاً، ولكن الذي لا أراه واقعياً هو أن تذهب الفتاة في هذه العاصفة للبحث عن أبيها.
وهناك وصف آخر لواقع مادي ينم عن التغيرات الحضارية بدا في قصة " هواجس " فأبواق السيارات ترتفع، والمحلات صار لها واجهات زجاجية، ووجوه الناس ملونة وحركة المرور مختنقة، وأشجار النخيل وسط الشوارع العريضة تمتد بقامتها الطويلة (١٢٢) ، وهذا كله يشير إلى التطور الحضاري المادي لمجتمع الإمارات يقابله ضيق نفسي لذويها بسبب تأثير التركيبية السكانية على أوضاعها.