للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحملَها ابنُ يعيشَ على تداخلِ اللغاتِ (١) ، وقالَ الفيوميُّ: ((لكن استُعمِلَ الضمُّ معَ كسرِ الماضي شذوذاً، ويُسمَّى تداخلَ اللغتينِ)) (٢) .

والقولُ بوقوعِ التداخلِ أرَاهُ مُتَعذِّراً؛ لأنَّ حَضَرَ لم يثبتْ في ماضيها ومضارِعها لغتانِ، فتكونَ بعدَ هذا حَضِرَ يَحْضُرُ ثالثةً مركبةً منهما، وهذا يستقيمُ لو كانَ فيها لغتانِ:

- حَضَرَ يَحْضُرُ.

- حَضِرَ يَحْضَرُ.

فيَأْخذُ الماضي من إحداهما والمضارعُ من الثانيةِ مكوِّنَةً لغةً ثالثةً هيَ حَضِرَ يَحْضُرُ.

قالَ البطليوسيُّ ((وحكى يعقوبُ حَضِرَ يَحْضَرُ)) (٣) كذا ضَبَطَ المحقّقُ، وليسَ في إصلاحِ المنطقِ ولا تهذيبِ الألفاظِ وتقدّمَ النقلُ عنه: حَضِرَ يَحْضُرُ (٤) .

وقالَ الفيروزا باديُّ ((حَضَرَ وعلِم)) (٥) ، وظاهرُ لفظِه يُوهِمُ أنّ في حَضَرَ لغتينِ:

- حَضِرَ يَحْضُرُ كنصَرَ ينصُر.

- حَضِرَ يَحْضَرُ كعلِمَ يعلَمُ.

قالَ الزبيديُّ: ((واللغةُ الأولى هيَ الفصيحةُ المشهورةُ، ذكرَها ثعلبٌ في الفصيحِ وغيرُه، وأوردَها أئمةُ اللغةِ قاطبةً وأمّا الثانيةُ فأنكرَها جماعةٌ وأثبتَها آخرونَ، ولا نزاعَ في ذلكَ، إنّما الكلامُ في كلامِ المصنِّفِ أو صريحِه، فإنَّه يقتضي أنَّ حَضِرَ كعلِمَ مضارعُه على قياسِ ماضيه، فيكونُ مفتوحاً كيعلَمُ، ولا قائلَ به، بل كلُّ من حكى الكسرَ صرَّحَ بأنّ المضارعَ لا يكونُ على قياسِه)) (٦) .

قلتُ: وإنّما أَدْخَلْتُ حَضِرَ يَحْضُرُ في بحثِ التداخلِ هذا، وإن لم يكن منه - حسبما أرى -: لأنَّ هذا الفعلَ يردُ معَ أفعالِ التداخلِ، ولقولِ بعضِ العلماءِ بأنّه من قبيلِه، فآثرتُ عرضَ هذه الأقوالِ، وبيانَ مسلكِ الصوابِ فيها.


(١) انظر: شرح المفصل ٧ / ١٥٤.
(٢) المصباح المنير ١٤٠.
(٣) الاقتضاب ٢ / ٢٥٢.
(٤) انظر: إصلاح المنطق ٢١٢.
(٥) القاموس (حضر) ٢ / ١٠.
(٦) تاج العروس (حضر) ٦ / ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>