للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَاثُ ما دونَ يَوْمِ الوعْدِ من عُمُري

لَوْلا الحَيَاءُ ولَوْلا الدين عِبْتِكُمَا

بِبَعْضِ ما فِيكُما إذْ عِبْتُما عَوَري

أما بقية شعره على كثرته، فبحكم طبيعته التي عرف بها عند الرواة، انبرى يشيد فيه بمظاهر الحياة الجاهلية ولم يمنعه إسلامه من أن يضمنه مضامين جاهلية يأباها الإسلام. لقد ظل قلبه بعد إسلامه معلقا بزوجه الدهماء التي ورث نكاحها عن أبيه في الجاهلية، ففرق الإسلام بينهما، وظل شعره يحتفى بنزعات جاهلية أبطلها الإسلام. يعبر عن هذه النزعة الجاهلية، التي لم تتأثر كثيراً بالدين ويجليها قوله (٢٦) : [البسيط]

هَلْ عَاشِقٌ نالَ مِنْ دَهْماءَ حاجَتَهُ

في الجاهِلِيةِ قبْلَ الدين مَرْحُومٌ

إنْ ينقُصِ الدهرُ مِني فالْفَتَى غَرَضٌ

لِلدهْرِ، من عوْدِهِ وافٍ ومَثْلُومُ

وإنْ يَكُنْ ذَاك مِقْداراً أُصِبْتُ بِهِ

فسيرَةُ الدهرِ تَعْوِيجٌ وتَقْويمٌ

ما أطْيَبَ العيشَ لوْ أنَّ الفتى حَجَرٌ

تَنْبُو الحوادِثُ عنْهُ وهو مَلْمُومُ

لا يُحْرِزُ المرءَ أنْصَارٌ ورابِيَةٌ

تَأْبَى الهوانَ إذا عُدّ الجراثِيمُ

لا تْمَتَعُ المرءَ أحجاءُ البلادِ، ولا

تُبْنىَ لَهُ في السَّموات السلالِيمُ

ومن شعراء الأعراب المخضرمين الموصوفين بقلة عواطفهم الدينية الحطيئة وهو من فحول الشعراء ومتقدميهم وفصحائهم (٢٧) عمر دهراً في الجاهلية (٢٨) وعاصر ظهور الإسلام وما رافقه من تحولات قلبت وجه الحياة. وأدرك عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ويظن أن توفى في زمن سعيد بن العاص في ولايته لمعاوية على المدينة (٤٩-٥٥هـ) (٢٩) .

ويختلف الرواة في زمن إسلامه فيرى ابن قتيبة أنه لم يسلم إلا بعد وفاة النبي (، لأنه لم يسمع له بذكر فيمن وفد عليه من وفود العرب (٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>