للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقا خاصا: هو توقيرهم وتبجيلهم وإعانتهم ونصرتهم وتقديرهم بما يستحقون؛ لقوله تعالى: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: ٩]، وهذا الحق الخاص للرسل والأنبياء يندرج في النصيحة لرسول في الحديث المشهور: "الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ " قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) (١)، قال الخطابي : "وأما النصيحة لرسوله فإنما هي في تصديقه على الرسالة، وقبول ما جاء به ودعا إليه، وطاعته فيما سن وشرع وبين من أمر الدين وشرح، والانقياد له فيما أمر ونهى وحكم وأمضى، وترك التقديم بين يديه، وإعظام حقه وتعزيره وتوقيره ومؤازرته ونصرته، وإحياء طريقته في بث الدعوة وإشاعة السنة، ونفي التهمة في جميع ما قاله ونطق به؛ فإنه لكما وصفه ربه وباعثه فقال: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم]، وقال: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء] " (٢).

وأما قوله تعالى في سورة الفتح: ﴿وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ فإن التسبيح من حقوق الله الخاصة به؛ فلا يجوز تسبيح الرسول كما يسبح الله تعالى فإن ذلك يعد - بلا شك - شركًا بخلاف الإيمان بالله ورسوله وطاعتهما؛ فإنهما من الحقوق المشتركة بين الله ورسوله؛ لقوله تعالى: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾

[الفتح: ٩]؛ ولقوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [المائدة: ٩٢؛ التغابن: ١٢]، والإيمان بالله والرسول وطاعته هو - في حقيقة الأمر - إيمان بالله وطاعة له؛ لقوله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، "فذكر الله - في هذه الآية - الحق


(١). أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أن الدين النصيحة برقم (٥٥) من حديث تميم بن أوسٍ الداريِّ .
(٢) "أعلام الحديث" للخطابي (١/ ١٩٢)

<<  <   >  >>