للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشترك بين الله وبين رسوله وهو: الإيمان بهما، والمختص بالرسول وهو: التعزير والتوقير، والمختص بالله وهو: التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها" (١).

لذلك يحرم مجاوزة الحد المشروع في الأنبياء والرسل والغلو فيهم؛ خشية رفعهم من درجة النبوة إلى حيز صفات الربوبية والألوهية: كنسبة علم اللوح والقلم للرسول ، أو اعتقاد القدرة فيه على كشف الضر أو جلب النفع والخير، وما ينجر عنه من دعائه والاستغاثة به فيما لا يقدر على تحصيله إلا الله تعالى، والتوكل عليه، ونحو ذلك مما ينافي التوحيد؛ لكونها من الحقوق الخاصة بالله ﷿، سواء وقع التداخل والخلط بين هذه الحقوق من غير تميز بينها - جهلًا - أو بدعوى مزيد محبة النبي المفرطة، علما أن محبة الرسول الحقيقية إنما هي متابعته والمسارعة في طاعته فيما يحبه الله من الإيمان والعمل الصالح، ومن دفع ما يبغضه من الكفر والفسوق والعصيان؛ فالمحبة لها علامتان: فهي لا تتم إلا بتجريد المتابعة لشرع الله الذي جاء به النبي عن ربه.

أولا: لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران]، ومما جاء به عن ربه: إفراد الله بالعبادة بجميع أنواعها ومراتبها وصورها من غير صرف أي شيء منها لأحد كائنا من كان، وهذا معنى كلمة التوحيد.

ثانيا: ولا تتم محبة الله - إلا بموالاته تعالى وموافقته فيما يحب ويكره؛ فيحب العبد ما يحبه ربه ويبغض ما يبغضه؛ عملا بقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٣٤]، وبقوله :


(١) "تفسير السعدي" (ص ٩٣٤)

<<  <   >  >>