للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يظن البعض أن الغاية هي أن تحب لله، ولكن الأمر خلاف ذلك، فالغاية أن يحبك الله ﷿ وليست الغاية أن تحب الله ﷿، فالمؤمن يسعى لهذه الغاية ويتمنى تحققها والفوز بها قال تعالى: ﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: ٣١].

فالآية هنا إشارة إلى ثمرة المحبة ﴿يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ قال ابن القيم عند هذه الآية "فجعل سبحانه متابعة رسوله سببا لمحبتهم له، وكون العبد محبوبا لله أعلى من كونه محبا لله، فليس الشأن أن تحب الله ولكن الشأن أن يحبك الله" (١).

وقد وصف الله سبحانه نفسه في كتابه العزيز بأنه يحب عباده المؤمنين، ويحبونه، وأخبر أنهم أشد حبا لله ﴿والَّذِينَ آمَنُوا أشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]. ووصف نفسه بأنه الودود ﴿وهُوَ الغَفُورُ الوَدُودُ﴾ [البروج]، والودود هو الحبيب، والود خالص الحب، فهو يود عباده المؤمنين ويودونه (٢).

وقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم] قال بعض السلف في تفسيرها يحبهم ويحببهم إلى عباده (٣).

فالفوز بمحبة الله فيه الخير كله فعن أنس بين مالك قال: قالرسول الله فيما يرويه عن ربه ﷿ أنه قال: "من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترقا عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشى، ولئن سألني لأعطنه


(١) روضة المحبين ص (٢٦٦).
(٢) روضة المحبين (٤٠٩).
(٣) روضة المحبين ص (٤١٢).

<<  <   >  >>