للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الفضيل في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾، قال: "أخلصه وأصوبه"، وقال: "إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصًا وصوابًا"، قال: "والخالص إذا كان لله ﷿، والصواب إذا كان على السنة" (١)

ولهذا كان الدعاء لجلب الخير والنفع أو لكشف الضر أو دفع السوء والأذى إنما هو موجه للمعبود الحق دون غيره لقوله تعالى في سورة الإسراء: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا﴾، وقد فسر ابن باديس هذه الآية بقوله: "فمن دعا غير الله فقد عبده، ومن دعا مخلوقا مع الخالق فقد أشرك، فإذا دعوت فادع ربك ولا تدع معه أحدًا، وكيف تدعو من لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا؟! وإذا توسلت فتوسل بأعمالك: بإيمانك وتوحيدك، وباتباعك لمحمد، ومحبتك له، واعتقادك ما له عند الله من عظيم المنزلة وسمو المقام عليه وعلى آله الصلاة والسلام" (٢)، ولقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ [يونس: ٤٩].

قال الشيخ محمد صديق حسن خان في حكم التوجه إلى الرسول بالدعاء والاستغاثة به ما نصه: "وفي هذا أعظم واعظ وأبلغ زاجر لمن صار ديدنه وهجيراه المناداة لرسول الله ، والاستغاثة به عند نزول النوازل التي لا يقدر على دفعها إلا الله سبحانه، وذلك من صار يطلب من الرسول ما لا يقدر على تحصيله إلا الله سبحانه؛ فإن هذا مقام رب العالمين الذي خلق الأنبياء والصالحين وجميع المخلوقين: رزقهم وأحياهم ويميتهم؛ فكيف يطلب من نبي من الأنبياء أو ملك من


(١) جامع العلوم والحِكَم" لابن رجب (ص ١٠).
(٢) "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير" لابن باديس (ص ٤٦٨).

<<  <   >  >>