للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿يا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وعَلى والِدَتِكَ﴾ [المائدة: ١١٠] (١).

وقال : "وإذا كنا في باب العبارة عن النبي علينا أن نفرق بين مخاطبته والإخبار عنه. فإذا خاطبناه كان علينا أن نتأدب بآداب الله تعالى حيث قال: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣] فلا تقول يا محمد يا أحمد، كما يدعو بعضنا بعضا بل نقول: يا رسول الله، يانبي الله. والله خاطب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم فقال: ﴿يا آدَمُ اسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ﴾ [البقرة: ٣٥] ﴿يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا وبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ﴾ [هود: ٤٨] ﴿يا مُوسى إنِّي أنا رَبُّكَ﴾ [طه: ١١، ١٢] ﴿يا عِيسى إنِّي مُتَوَفِّيكَ ورافِعُكَ إلَيَّ﴾ [آل عمران: ٥٥].

ولما خاطبه قال ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ﴾ [الأنفال: ١]، ﴿يا أيُّها الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الكُفْرِ﴾ [المائدة: ٤١] ﴿يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] ﴿يا أيُّها المُزَّمِّلُ﴾ [المزمل] ﴿يا أيُّها المُدَّثِّرُ﴾ [المدثر] فنحن أحق أن نتأدب في دعائه وخطابه.

وأما إذا كنا في مقام الإخبار عنه قلنا: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" وقلنا محمد رسول الله وخاتم النبيين، فنخبر عنه باسمه كما أخبر الله سبحانه لما أخبر عنه ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ولَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وخاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠] وقال ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ والَّذِينَ مَعَهُ أشِدّاءُ عَلى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ [الفتح: ٢٩] وقال ﴿وما مُحَمَّدٌ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: ١٤٤] وقال ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ﴾ [محمد: ٢].

فالفرق بين مقام المخاطبة ومقام الإخبار فرق ثابت بالشرع والعقل" (٢).


(١) الصارم المسلول (ص ٤٢٢ - ٤٢٣)
(٢) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٩٧، ٢٩٨).

<<  <   >  >>