فهذه الآيات اشتملت على جملة من الآداب التي أدب الله بها عباده المؤمنين فيما يجب أن يعاملوا به الرسول ﷺ من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام وهذه الآداب هي:
أولا: أنه حرَّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، فقال تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾.
قال ابن كثير في معناها:"أي لا تسارعوا في الأشياء بين يديه أي قبله بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ ﵁ حيث قال له النبي ﷺ حين بعثه إلى اليمن "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله تعالى. قال ﷺ " فإن لم تجد؟ " قال بسنة رسول الله ﷺ. قال ﷺ: " فإن لم تجد؟ " قال ?: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ﷺ لما يرضي رسول الله ﷺ " (١).
فالغرض منه أنه أخَّر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٣٠، ٢٣٦، ٢٤٢). وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء (٤/ ١٨) (ح ٣٥٩٢)؛ والترمذي في سننه، كتاب الأحكام، باب القاضي كيف يقضي (٣/ ٦١٦) (ح ١٣٢٧). وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب اجتناب الرأي والقياس بنحوه (١/ ٢١).