للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - وقال تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمالُكُمْ وأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وأجْرٌ عَظِيمٌ إنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وراءِ الحُجُراتِ أكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ولَوْ أنَّهُمْ صَبَرُوا حَتّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات].

فهذه الآيات اشتملت على جملة من الآداب التي أدب الله بها عباده المؤمنين فيما يجب أن يعاملوا به الرسول من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام وهذه الآداب هي:

أولا: أنه حرَّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، فقال تعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾.

قال ابن كثير في معناها: "أي لا تسارعوا في الأشياء بين يديه أي قبله بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ حيث قال له النبي حين بعثه إلى اليمن "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله تعالى. قال " فإن لم تجد؟ " قال بسنة رسول الله . قال : " فإن لم تجد؟ " قال ?: أجتهد رأيي، فضرب في صدره وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " (١).

فالغرض منه أنه أخَّر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٣٠، ٢٣٦، ٢٤٢). وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء (٤/ ١٨) (ح ٣٥٩٢)؛ والترمذي في سننه، كتاب الأحكام، باب القاضي كيف يقضي (٣/ ٦١٦) (ح ١٣٢٧). وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب اجتناب الرأي والقياس بنحوه (١/ ٢١).

<<  <   >  >>