للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسنة ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقدم بين يدي الله ورسوله" (١).

وقال الحليمي عند تعليقه على هذه الآية: "والمعنى لا تقدموا قولا أو فعلا بين يدي قول رسول الله وفعله فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر دين أو دنيا، بل أخروا أقوالكم وأفعالكم إلى أن يأمر رسول الله في ذلك بما يراه فإنكم إذا قدمتم بين يديه كنتم مقدمين بين يدي الله ? إذ كان رسوله لا يقضي إلا عنه، ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ [الحجرات: ١٠]! أي احذروا عقابه بتقديمكم بين يدي رسول الله ومعاملته بما يوهم الاستخفاف به ومخالفة شيء مما يأمركم به عنالله بوحي متلو أو بوحي غير متلو ﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: ١٠] أي سميع لما تقدمونه بين يدي رسوله ، أو تأتونه اقتداء به واتباعا له، عليم بما يكون منكم من إجلاله أو خلاف ذلك فهو يجزيكم بما سمعه ويعلمه منكم" (٢).

ولقد تأدب الصحابة مع ربهم ومع رسولهم، فما عاد بعد نزول هذه الآية مقترح منهم يقترح على الله ورسوله، وما عاد واحد منهم يدلي برأي لم يطلب منه رسول الله أن يدلي به، وما عاد أحد يقضي برأيه في أمر أو حكم إلا أن يرجع قبل ذلك إلى قول الله وقول النبي .

حتى كان الرسول يسألهم عن اليوم الذي هم فيه والمكان الذي هم فيه وهم يعلمونه حق العلم، فيتحرجون أن يجيبوا إلا بقولهم: الله ورسوله أعلم. خشية أن يكون في قولهم تقدم بين يدي الله ورسوله. ومن ذلك ما جاء في حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي أن النبي سأل في حجة الوداع "أي شهر هذا؟ " .. قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أن سيسمِّيه بغير اسمه، قال: "أليس ذو


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٠٥).
(٢) المنهاج في شعب الإيمان (٢/ ١٢٧)

<<  <   >  >>