للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الأنبياء].

فتلك هي العبودية الحقه التي كان الرسل والأنبياء ، والمعلوم أن العبد كلما ازداد في تحقيق العبودية الخالصة ازداد كماله وسمت روحه وعلت درجته، وكلما نقصت عبوديته ازداد بعدا وهبوطا وانحدارًا، والرسل والأنبياء وإن تفاوتوا في الفضل والدرجة - إلا أنهم كانوا يتنافسون في القرب من ربهم، ويتسابقون في تحقيق العبودية، ويسارعون في الخيرات كما تقدمت به الآيات؛ ولهذا وصفهم الله تعالى في كتابه بوصف العبودية التي أساسها المحبة والخوف والرجاء فقال تعالى: ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ﴾ [ص]، وقال: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ﴾ [ص: ٤١]، وذكر نبينا محمد بوصف العبودية في أسمى أحواله وأشرف مقاماته: كالإسراء في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ [الإسراء: ١]، وفي مقام الإيحاء والتحدي بالذي أنزل عليه، كما في قوله تعالى: ﴿فَأَوْحَاإِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [النجم: ١٠]، وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ [البقرة: ٢٣]، وفي مقام القيام بالدعوة، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ [الجن: ١٩]، وغيرها من الآيات المخبرة عن فضائل عباده المرسلين وأنبيائه العابدين، المجتهدين في تحقيق العبودية الخالصة لله رب العالمين.

وعلينا - أخيرًا - أن نقتدي بهم في تحقيق هذه العبودية الخالصة لله تعالى ونهتدي بهديهم، مع احترام حقهم ومنزلتهم في التوقير والتبجيل

<<  <   >  >>