للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم؛ كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، دب إليهم إبليس، فقال: إنما كان يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم" (١).

فهنا قولان:

الأول: أنها كانت في قوم نوح.

الثاني: أنها كانت أسماء رجال صالحين.

ولا فرق بين القولين، فإن كونها أسماء أصنام لا ينافي كون تلك الأصنام لرجال صالحين في الأصل.

قال ابن حجر بعد حكايته للقولين -: "بل مرجع ذلك إلى قول واحد، وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح هذه الأصنام، ثم تبعهم من بعدهم على ذلك" (٢).

إذا علم ذلك كله، ظهر أن أعظم أسباب الشرك وعبادة الأصنام الغلو في المخلوقين، ورفعهم فوق منازلهم (٣)، فلذلك نهى الله عن الغلو ومشابهة أهل الكتاب الذين غلوا في أنبيائهم وصالحيهم حتى عبدوهم من دون الله؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ [النساء: ١٧١]، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [هود].


(١) "جامع البيان" للطبري (٢٩/ ٩٨، ٩٩).
(٢) "فتح الباري" (٨/ ١٣٧).
(٣) "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٣٦٢)، وقاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية (ص ٤٢، ٤٣) بتصرف.

<<  <   >  >>