للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغاية التي من أجلها هذا الكون، إلى غير ذلك الافتراءات والأباطيل التي شحنت بها تلك القصائد.

وهذه مقتطفات من بُردة البوصيري (١) تمثل جانبا من مظاهر الغلو التي يتردد في عبارات ما يسمونه بالمدائح النبوية:

وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من … لولاه لم تخرج الدنيا إلى العدم

دع ما ادعته النصارى في نبيهم … واحكم بما شئت مدحًا فيه واحتكم

لو ناسبت قدره آياته عظمًا … أحيا اسمه حين يدعى دارس الرم

وكل آي أتى الرسل الكرام بها … فإنما اتصلت من نوره بهم

وكلهم من رسول الله ملتمس … غَرفًا من البحر أو رشفًا من الدِّيم

لا طيب يعدل تُربًا ضم أعظمه … طوبى لمنتشق منه وملتئم

أقسمت بالقمر المنشق أن له … من قلبه نسبة مبرورة القسم

ما سامني الدهر ضيمًا واستجرت به … إلا ونلت جوارا منه لم يُضم

ولا التمست غني الدارين من يده … إلا استلمت الندى من خير مستلم

يا خير من يمَّم العافون ساحته … سعيًا وفوق متون الأينق الرسم

خدمته بمديح استقيل به … ذنوب عمر مضى في الشعر والخدم

إن آت ذنبا فما عهدي بمنتقض … من النبي ولا حبلي بمنصرم

فإن لي ذمة منه بتسميتي … محمدًا وهو أوفى الخلق بالذم

إن لم تكن في معادى آخذا بيدي … فضلًا وإلا فقل يا زلة القدم


(١) هو: محمد بن سعيد بن حماد البوصيري، شاعر صوفي غال، له عدد من القصائد في المدائح النبوية، وقد عرف عنه قلة علمه، وسلاطة لسانه، وتكففه للناس وقد ذكر محقق ديوانه عددا من الخصال التي تدل على حقيقة الرجل وقدره.
انظر: مقدمة ديوان البوصيري بتحقيق محمد سيد كيلاني.

<<  <   >  >>