للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاشاه أن يحرم الراجي مكارمه … أو يرجع الجار منه غير محترم

ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه … وجدته لخلاصي خير ملتزم

ولن يفوت الغني منه يدًا تربت … إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به … سواك عند حدوث الحادث العمم

ولن يضيق رسول الله جاهك بي … إذا الكريم تجلَّى باسم منتقم

فإن من جودك الدنيا وضرتها … ومن علومك علم اللوح والقلم (١).

فتأمل هذه الأبيات وما فيها من غلو وإطراء ومظاهر شركية تجاوز فيها الشاعر كل الحدود.

حيث جعل الرسول هو الغاية في خلق الدنيا وعلة وجودها "وجعله بمنزلة الإله فهو يغني ويفقر ويغفر الذنوب ويقيل العثرات وهو الملاذ والملجأ في الدنيا والآخر بل انتهى به الأمر إلى أن جعل تصريف الكون كله بيد رسول الله " (٢).

فماذا أبقى للخالق ﷿ وخاصة عند قوله:

فإن من جودك الدنيا وضرتها … ومن علومك علم اللوح والقلم

"فإذا كانت الدنيا وضرتها من جود الرسول ومن بعض علومه علم اللوح والقلم؛ لأن "من" للتبغيض، فماذا للخالق جل وعلا" (٣).

فهذا هو بعينه الغلو والإطراء الذي حذر النبي أمته منه.

وبالإضافة إلى ألفاظ الشرك وعبارات الغلو التي تحملها جل القصائد والمدائح، "فإن الاحتفال عادة ما يختم بدعوات تحمل ألفاظ


(١) ديوان البوصيري (ص ٢٤٠ - ٢٤٨) وهذه الأبيات منتقاة من قصيدته المعروفة بالبردة.
(٢) تنبيه أولي الأبصار (ص ٢٤٩).
(٣) منهج القرآن في الدعوة إلى الإيمان (ص ١٦٣).

<<  <   >  >>