للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر إلى هذا الغلو عندهم، نعوذ بالله من حال أهل الزيغ والضلال.

ويحسن قبل الشروع في تفنيد هذا الباطل وكان فساده أن أشير إلى الوجه الآخر لهذه الدعوى.

فهذه الطائفة لم تكن لتدَّعي هذه الدعوى إلا لما فيها من المكاسب والأهداف والغايات التي يتحصلون عليها كل من وراء ذلك.

فمنهم من يستغل هذه الدعوى ليحصل على إجازة من الرسول للطريقة التي ابتدعها والأذكار والأوراد التي اخترعها لتصبح بعد ذلك شرعا لأتباعه.

ومنهم من يستغل ذلك لإيهام الناس بأن ذلك من كراماته ليحظى لديهم بالمنزلة والمكانة إلى غير ذلك من الغايات والمأرب.

هذا وإن لموضوع رؤية النبي جوانب متعددة يخصُّنا منها ما يتعلق بعنوان المبحث وهو دعوى رؤيته يقظة بعيني الرأس.

فهذه الدعوى مخالفة للشرع والعقل.

أما من جهة الشرع فليس هناك دليل شرعي يثبت حصول ذلك وغاية ما دلت عليه النصوص إمكانية الرؤيا المنامية، فحملها أهل الباطل على الرؤية البصرية، ومما يؤكد فساد هذا التأويل للرؤيا واقع القرون المفضلة المشهود لهم بالخيرية من المصطفى ، فلم ينقل عن أحد من أهل هذه القرون الثلاثة أنه رأى النبي يقظة بعد موته.

مع أنه قد حدثت في أزمانهم حوادث كان الحاجة إلى ظهوره شديدة جدا لو كان ذلك ممكنًا.

فالصحابة قد وقع بينهم اختلاف في عدد من المسائل الدينية والدنيوية وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ولم يبلغنا أنا أحدا منهم ادعى أنه رأى في اليقظة رسول الله وأخذ عنه ما أخذ، وكذا لم

<<  <   >  >>