للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنزل الله هذه الآية (١) ﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: ٣١]، وهذا لأن الرسول هو الذي يدعو إلى ما يحبه الله، وليس شيء يحبه الله إلا والرسول يدعو إليه، وليس شيء يدعو إليه الرسول إلا والله يحبه، فصار محبوب الرب ومدعو الرسول متلازمين بل هذا هو هذا في ذاته، وإن تنوعت الصفات.

فكل من ادعى أنه يحب الله ولم يتبع الرسول فقد كذب، وليست محبته لله وحده، بل إن كان يحبه فهي محبة شرك، فإنما يتبع ما يهواه كدعوى اليهود والنصارى محبة الله، فإنهم لو أخلصوا له المحبة لم يحبوا إلا ما أحب فكانوا يتبعون الرسول، فلما أحبوا ما أبغض الله مع دعواهم حبه كانت محبتهم من جنس محبة المشركين.

وهكذا أهل البدع فمن قال إنه من المريدين لله المحبين له، وهو لا يقصد اتباع الرسول والعمل بما أمر به، وترك ما نهى عنه، فمحبته فيها شوب من محبة المشركين واليهود والنصارى بحسب ما فيه من البدع، فإن البدع ليست مما دعا إليه الرسول ولا يحبها الله، فإن الرسول دعا إلى كل ما يحبه الله، فأمر بكل معروف ونهى عن كل منكر (٢).

فمحبة الله ورسوله وعباده المتقين تقتضي فعل محبوباته وترك مكروهاته والناس يتفاضلون في هذا تفاضلا عظيما، فمن كان أعظم نصيبا من ذلك كان أعظم درجة عند الله.

ومن كان أقل نصيبا كان ذلك سببا في نزول درجته ومنزلته، وأما من كان غير متبع لسبيل النبي فكيف يكون محبا لله (٣)؟، ومعلوم أنه لا يتم الإيمان والمحبة لله إلا بتصديق الرسول فيما أخبر وطاعته فيما أمر (٤).


(١) مجموع الفتاوى (١٨/ ٣١٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٣٦٠).
(٣) مجموع الفتاوى (١٨/ ٣١٦).
(٤) مجموع الفتاوى (٨/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>