للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحب إليه من نفسه فالحديث دل على أن حلاوة الإيمان تتبع كمال محبة العبد لله، وهذه الحلاوة لا تحصل إلا بثلاثة أمور:

أ - تكميل هذه المحبة، ٢ - تفريعها، ٣ - دفع ضدها.

١ - "فتكميلها": أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، فإن محبة الله ورسوله لا يكتفي فيها بأصل الحب، بل لابد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

٢ - و "تفريعها": أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

٣ - و "دفع ضدها" أن يكره ضد الإيمان أعظم من كراهته الإلقاء في النار (١) وهذه المحبة هي فوق ما يجده سائر العشاق والمحبين من محبة محبوبهم، بل لا نظير لهذه المحبة كما لا مثيل لمن تعلقت به.

وهي محبة تقتضي تقديم المحبوب فيها على النفس والمال والولد وتقتضي كمال الذل والخضوع والتعظيم والإجلال والطاعة والانقياد ظاهرا وباطنا وهذا لا نظير له في محبة المخلوق كائنا من كان.

ولهذا من أشرك بين الله وبين غيره في هذه المحبة الخاصة كان مشركا شركا لا يغفره الله كما قال الله تعالى: ﴿ومِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أنْدادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ والَّذِينَ آمَنُوا أشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]. والصحيح أن معنى الآية: والذين آمنوا أشد حبا لله من أهل الأنداد لأندادهم كما تقدم بيانه أن محبة المؤمنين لربهم لا يماثلها محبة مخلوق أصلا، كما لا يماثل محبوبهم غيره. وكل أذى في محبة غيره فهو نعيم في محبته، وكل مكروه في محبة غيره فهو قرة عين في محبته (٢).

وكثير من الناس يدعي محبة الله تعالى من غير تحقيق لموجباتها قال بعض السلف: ادعى قوم على عهد رسول الله أنهم يحبون الله


(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٠٦).
(٢) روضة المحبين (١٩٩، ٢٠٠).

<<  <   >  >>