للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستغاثة به، فتلك أمور صَرْفُها لغير الله يعد شركا مع الله فالله وحده هو الذي يدعى ويستغاث به فهو رب العالمين، وخالق كل شيء، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وهو القريب الذي يجيب الداع إذا دعاه وهو سميع الدعاء سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وسيأتي بإذن الله مزيد تفصيل لما وقع فيه أصحاب هذا القسم من الغلو في حقه، وذلك في الباب الثالث الذي عقدته للكلام عن الغلو في حقه .

أما أصحاب القسم الثاني: فهم أهل التفريط الذين قصروا في تحقيق هذا المقام فلم يراعوا حقه في وجوب تقديم محبته على محبة النفس والأهل والمال. كما لم يراعوا ماله من حقوق أخرى كتعزيره وتوقيره وإجلاله وطاعته واتباع سنته والصلاة والسلام عليه إلى غير ذلك من الحقوق العظيمة الواجبة له. والسبب في ذلك يعود إلى إحدى الأمور التالية أو إليها جميعا وهي:

أولا: إعراض هؤلاء عن سنة نبيهم وعن اتباع شرعه بسبب ما هم عليه من المعاصي، وإسرافهم في تقديم شهوات أنفسهم وأهوائهم على ما جاء في الشرع من الأوامر والنواهي.

ثانيا: اعتقاد الكثير أن مجرد التصديق يكفي في تحقيق الإيمان، وأن هذا هو القدر الواجب عليهم، ولذا تراهم يكتفون بالتصديق بنبوة محمد ، دون تحقيق المتابعة له، وهذا هو حال أهل الإرجاء الذين يؤخرون العمل عن مسمى الإيمان ويقولون إن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، أو تصديق القلب وإقرار اللسان وما أكثرهم في زماننا هذا.

ثالثا: جهل الكثير منهم بأمور دينهم بما فيها الحقوق الواجبة له ، والتي من ضمنها محبته فكثير من الناس - ولا حول ولا قوة إلا بالله - ليس لهم من الإسلام إلا اسمه وليس لهم من الدين إلا رسمه.

فالواجب على هؤلاء أن يعودوا إلى رشدهم وأن يقلعوا عن غيهم،

<<  <   >  >>