للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما جاء به الشارع، بل هي أمور قد حذر الشارع من فعلها، ولقد صار حظ أكثر أصحاب هذا القسم منه مدحه بالأشعار والقصائد المقترنة بالغلو والإطراء الزائد الذي حذر منه الشارع الكريم، مع عصيانهم له في كثير من أمره ونهيه، فتجد هذا النوع من أعصى الخلق له صلوات الله عليه وسلامه (١).

فيا ترى أي محبة هذه التي يخالف أصحابها شرع نبيهم، فيحلُّوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله، فكرهوا ما أحب الله ورسوله، وأحبوا ما كرهه الله ورسوله. فكيف تكون لهؤلاء محبة وهم قد ابتدعوا ما ابتدعوه من أمور لم تشرع في الدين، ونعلم أن رسول الله قد تبرأ ممن ابتدع في هذا الدين فقال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

والذي يجب على أمثال هؤلاء أن يعلموا أن محبة الرسول وتعظيمه إنما تكون بتصديقه فيما أخبر به عن الله، وطاعته فيما أمر به، ومتابعته، ومحبته وموالاته، لا بالتكذيب بما أرسل به، والإشراك به والغلو فيه، فهذا لا يعدو كونه كفرا به، وطعنا فيما جاء به ومعاداة له (٢).

كما يجب عليهم أن يفرقوا بين الحقوق التي يختص بها الله وحده ويبين الحقوق التي له ولرسله، والحقوق التي يختص بها الرسول، فقد ميز سبحانه بين ذلك في مثل قوله ﴿وتُعَزِّرُوهُ وتُوَقِّرُوهُ وتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلًا﴾ [الفتح]، فالتعزير والتوقير للرسولوالتسبيح بكرة وأصيلا لله، وكما قال: ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ ويَخْشَ اللَّهَ ويَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفائِزُونَ﴾ [النور]، فالطاعة لله ولرسوله، والخشية والتقوى لله وحده وكما يقول المرسلون: ﴿أنِ اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ وأطِيعُونِ﴾ [نوح].

فعلى هؤلاء أن يعلموا أن محبة الرسول لا تنال بدعائه


(١) تيسير العزيز الحميد (ص ١٨٦).
(٢) الرد على الأخنائي (ص ٢٤، ٢٥) بتصرف.

<<  <   >  >>