للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: وعن أنس بن مالك عن النبي قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله. وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار". وفي هذا الحديث أخبر أن هذه الثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان. والمتأمل في هذه الأمور الثلاثة يرى أنها تتبع كمال محبة العبد لله (١) لأن محبة الله تكمل بأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ذلك لأن محبة الله ورسوله لا يكتفي فيها بأصل الحب، بل لابد أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

وتفريعها: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

ودفع ضدها: بأن يكره ضد الإيمان أعظم من كراهة الإلقاء في النار (٢). والشاهد من الحديث معنا قوله: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".

فمن المعلوم أن كل من آمن بالنبي إيمانا صحيحا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبة، غير أن الناس يتفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى وهم الذين جعلوا محبة الله ورسوله مقدمة على ما سواهما. ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الغفلات في أكثر الأوقات. ومنهم من هو بين هذين الأمرين.

فالحظ الأوفى هو بتحقيق هذه المرتبة من المحبة وهي أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما". وذلك بأن يتوجه بكليته نحو هذه الغاية


(١) المقصود كمال المحبة الواجب الذي يذم تاركه ويتعرض للعقوبة وليس المراد الكمال المستحب.
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٠٦).

<<  <   >  >>