حيث الماء المعين، والقوت المعين» . وأما منتجات البلد من محاصيله، فقد أشار الى أن «به الاعناب التى راق بها الجناب، والزياتين واللوز والتين، والحرث الذي له التمكين» . وفى معرض الوصف الاجتماعى يستدرك ابن الخطيب، ذاما أهل البلد حين يقول:«الا أنه عدم سهله، وعظم جهله، فلا يصلح فيه الا أهله» .
أما اذا ارتأى مدينة حقيقة بمدح أحوالها الاجتماعية فهو لا يقصر فى حقها، فمثلا مدينة «المرية» - على حد قوله «محط التجار، وكرم النجار، ورعى الجار. ما شئت من أخلاق معسولة، وسيوف من الجفون السود مسلولة، وتكك محلولة، وحضارة تعبق طيبا، ووجوه لا تعرف تقطيبا» وهى- الى جانب تلك الرفاهية وذلك النعيم، واللذة والسرور المقيم- «لم تزل- مع الظرف- دار نساك، وخلوة اعتكاف وامساك» ، فهو حريص فى الوصف، دقيق فى الاحاطة، شأن الخبير بالاماكن والبقاع.
نأخذ أيضا مثالا لنهج المؤلف فى الاشادة بالاجتماعيات عند الناس، وطريقته فى العرض للحقائق، وتقصيه لها، حين يذكر عن مدينة برشانة أن «أهلها أولو عداوة لاخلاق البداوة، وعلى جوههم نضرة وفى أيديهم نداوة. يداوون بالسلافة علل الجلافة، ويؤثرون علل التخلف على لذة الخلافة، فأصبح ربعهم ظرفا قد ملئ ظرفا، فللمجون به سوق، وللمجون ألف سوق، تشمر به الاذيال عن سوق، وهى تبين بعض بيان عن عن أعيان» ، هذا من جانب، ومن جانب آخر لهذه المثالب، يذكر أن «وغدها (المدينة) يتكلم بملء فيه، وحليمها يشقى بالسفيه، ومحياها تكمن حية الجور فيه» .
هذا، وقد ظفرت بعض المدن الاندلسية بعناية خاصة من قلم ابن الخطيب، كغرناطة ومالقة، ولا عجب فلكل منهما مركزها الادارى والسياسى، فالاولى حاضرة ملك بنى الاحمر، وزهرة المدن الاندلسية،