ويرى القاضي حسين من الشافعية أن الأمر هنا للندب لقرينة أخرى وهي أنه وقع بعد حظر, والأمر بعد الحظر للندب عنده, والحظر السابق هو تحريم بيع مال الشخص بماله, وهو ممتنع, والكتابة كذلك, ثم جاء الأمر بها فصارت للندب, "انظر: التمهيد للإستوي ص٧٤". ومثل الأمر بالإنتشار بعد الصلاة, فإنه ورد في الآية بعد النص على حظر البيع والتجارة أثناء الصلاة, بقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} سورة الجمعة٩, فالأمر بالفعل بعد الحظر يفيد الإباحة عند الجمهور, وكذلك الأمر بالاصطياد بعد التحلل من الإحرام, فإنه ورد بعد النص على تحريم الصيد اثناء الإحرام في قوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} المائدة/١, ومثل قوله صلى اله عليه وسلم فيما رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور, ألا فزوروها" فالأمر بالفعل بعد حظره قرينة على صرفه إلى الإباحة, وقد يختلف الفقهاء في القرينة, وهل تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب أو الإباحة أم لا. وخالف الظاهرية –ومنهم ابن حزم- جماهير العلماء، وقالوا: إن الأمر للوجوب، ولا يصرفه عن الوجوب قرينة، ولا يخرج الأمر عن الوجوب إلابنصٍ آخر أو إجماع. انظر تفصيل هذا الموضوع في "المسودة ص١٧، الروضة ٢/١٩٢، نزهة الخاطر ٢/٧٠، القواعد والفوائد الأصولية ص١٦١، الإحكام لابن حزم ١/٢٧٦، البرهان للجوني ١/٢٦١، التوضيح على التنقيح ٢/٦٣، كشف الأسرار ١/١٠٧-١٢٠، نهاية السول ٢/١٨، أثر الاختلاف في القواعد الإصولية ص٢٩٩،٣١١،مباحث الكتاب والسنة ص١٢٣، أصول الفقه الإسلامي ص٢٧٦، ٣١٣،تفسير النصوص ٢/٣٦٠، العدة١/٢٤٨،٢٥٦، فيض القدير٥/٥٥،الإحكام للآمدي٢/١٤٢".