للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فَصْلٌ": فِي الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ

وَالْبَحْثُ فِيهِمَا مِنْ وَظِيفَةِ عُلَمَاءِ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ، لَكِنْ لَمَّا اُخْتُلِفَ فِي الْكِنَايَةِ، هَلْ هِيَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟. أَوْ مِنْهَا حَقِيقَةٌ وَمِنْهَا مَجَازٌ: ذُكِرَتْ لِيُعْرَفَ١ ذَلِكَ، وَذُكِرَ مَعَهَا التَّعْرِيضُ اسْتِطْرَادًا.

ثُمَّ "الْكِنَايَةُ حَقِيقَةٌ٢ إنْ اُسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ فِي مَعْنَاهُ" الْمَوْضُوعِ لَهُ أَوْ لا "وَأُرِيدَ٣ لازِمُ الْمَعْنَى" الْمَوْضُوعِ لَهُ، كَقَوْلِهِمْ "كَثِيرُ الرَّمَادِ" يُكَنُّونَ بِهِ عَنْ كَرَمِهِ. فَكَثْرَةُ الرَّمَادِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَلَكِنْ أُرِيدَ بِهِ لازِمُهُ، - وَهُوَ الْكَرَمُ -، وَإِنْ كَانَ بِوَاسِطَةِ لازِمٍ آخَرَ، لأَنَّ لازِمَ كَثْرَةِ الرَّمَادِ كَثْرَةُ الطَّبْخِ، وَلازِمَ كَثْرَةِ الطَّبْخِ كَثْرَةُ الضَّيْفَانِ، وَلازِمَ كَثْرَةِ الضَّيْفَانِ الْكَرَمُ، وَكُلُّ ذَلِكَ عَادَةٌ.

فَالدَّلالَةُ عَلَى الْمَعْنَى الأَصْلِيِّ بِالْوَضْعِ، وَعَلَى اللاَّزِمِ بِانْتِقَالِ٤ الذِّهْنِ مِنْ الْمَلْزُومِ إلَى اللاَّزِمِ.

وَمِثْلُهُ٥ قَوْلُهُمْ: "طَوِيلُ النِّجَادِ" كِنَايَةً عَنْ طُولِ الْقَامَةِ، لأَنَّ نِجَادَ


١ انظر تفصيل الكلام على الكناية ومذاهب العلماء فيها في "معترك الأقران ١/ ٢٦٦، البرهان ٢/ ٣٠٠ وما بعدها، الطراز ١/ ٣٦٤-٣٧٩، الصاحبي ص٢٦٠ وما بعدها. الفوائد المشوق إلى علوم القرآن وعلم البيان ص١٢٦-١٣٢، الإشارة إلى الإيجاز ص٨٥، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه ١/ ٣٣٣، كشف الأسرار على أصول البزدوي ١/ ٦٦ وما بعدها، فواح الرحموت ١/ ٢٢٦ وما بعدها".
٢ في ش: حقيقية.
٣ في ش: "وأريد" باللفظ.
٤ في ش: بالقصد.
٥ في ش: ومثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>