للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَارَ أَنَّ الأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْوُجُوبِ. فَكَذَا بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ عِنْدَهُ١ انْتَهَى.

إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ لِمَا اسْتَدَلاَّ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَحْمِ الإِبِلِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ لَمَّا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ٢ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ ٣فَقَالَ: "نَعَمْ يُتَوَضَّأُ ٤ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ" ٥.

وَمِمَّا يُقَوِّي الإِشْكَالَ: أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الأَمْرَ بِالصَّلاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ٦ وَهُوَ بَعْدَ سُؤَالٍ، وَلا يَجِبُ بِلا خِلافٍ، وَلا٧ يُسْتَحَبُّ.

فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ يَسْتَحِبُّونَ الْوُضُوءَ مِنْهُ؟ وَالاسْتِحْبَابُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ يَقْتَضِي الإِبَاحَةَ؟

قُلْت: إذَا قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ فَلِدَلِيلٍ غَيْرِ هَذَا الأَمْرِ. وَهُوَ أَنَّ الأَكْلَ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ يُورِثُ قُوَّةً نَارِيَّةً، فَنَاسَبَ٨ أَنْ تُطْفَأَ٩ بِالْمَاءِ، كَالْوُضُوءِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَلَوْ كَانَ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ١٠ الإِبِلِ وَاجِبًا عَلَى الأُمَّةِ، وَكُلُّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الإِبِلِ، لَمْ يُؤَخِّرْ بَيَانَ وُجُوبِهِ، حَتَّى يَسْأَلَهُ سَائِلٌ فَيُجِيبَهُ.


١ القواعد والفوائد الأصولية ص١٧٠.
وانظر: المحصول ? ١ ق٢/١٥٩, فواتح الرحموت ١/٣٧٩, نهاية السول ٢/٤١.
٢ في ز ع ض ب: التوضئ, وكذا في"القواعد والفوائد الأصولية ص١٧٠" فالنص منقول منه مع تصرف بسيط.
٣ ساقطة من ض.
٤ في ب: توضأ.
٥ صحيح مسلم١/٢٧٥, ومر تخريج الحديث كاملاً في المجلد الثاني ص٣٦٦.
٦ ونصه"قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم" انظر: النووي على صحيح مسلم٤/٤٨.
٧ في ع ض ب: بل ولا,
٨ في ز ع ض ب: فيناسب.
٩ في ش ز ع ض ب: يطفأ, والأعلى من" القواعد والفوائد الأصولية ص١٧٠".
١٠ في ع ض ب: لحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>