للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ الاسْتِثْنَاءُ فِيهِ، - أَيْ فِي الإِيمَانِ- بِأَنْ تَقُولَ: "أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ". نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تعالى، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ١ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ٢.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُسْتَحَبُّ وَلا يَقْطَعُ لِنَفْسِهِ.

وَمَنَعَ ذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ٣ وَأَصْحَابُهُ وَالأَكْثَرُ؛ لأَنَّ التَّصْدِيقَ مَعْلُومٌ٤ لا يُتَرَدَّدُ فِيهِ عِنْدَ تَحَقُّقِهِ، وَمَنْ تَرَدَّدْ فِي تَحَقُّقِهِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ فَالأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: "أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا"، دَفْعًا لِلإِيهَامِ.

وَاسْتُدِلَّ لِلْقَوْلِ الأَوَّلِ بِوُجُوهِ:


١ هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، أحد السابقين إلى الإسلام، والمهاجرين إلى الحبشة والمدينة، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بدراً وأحداً والخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد، وشهد له الرسول عليه الصلاة والسلام بالجنة. توفي سنة ٣٢هـ. "انظر ترجمته في الإصابة ٢/ ٣٦٨ وما بعدها، الاستيعاب ٢/ ٣٢٦ وما بعدها، تهذيب الأسماء واللغات ١/ ٢٨٨ وما بعدها".
٢ انظر كتاب السنة للأمام أحمد ص٧٢-٨٥، الإيمان لابن تيمية ص٣٧٤، الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلاّم ص٦٧ وما بعدها، فتاوى السبكي ١/ ٦٣ وما بعدها، وقد حكى ابن تيمية عن الإمام أحمد أنه سئل، هل تقول: نحن المؤمنون؟ فقال: نقول نحن المسلمون، ثم عقب التقي على ذلك بقوله: "ومع هذا فلم ينكر على من ترك الاستثناء إذا لم يكن قصده قصد المرجئة أن الإيمان مجرد القول، بل تركه لما يعلم أن في قلبه إيماناً، وإن كان لا يجزم بكمال إيمانه". "انظر الإيمان لابن تيمية ص٣٨٣".
٣ هو النعمان بن ثابت بن زوطى من ماه مولى تيم الله بن ثعلبة، الإمام الفقيه والمجتهد الكبير، وصاحب الفضائل الكثيرة. قال ابن المبارك "ما رأيت في الفقه مثل أبي حنيفة, وما رأيت أروع منه". ولد سنة ٨٠هـ، وتوفي ببغداد سنة ١٥٠هـ. "انظر ترجمته في الطبقات السنية ١/ ٨٦-١٩٥، تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢١٦ وما بعدها، وفيات الأعيان ٥/ ٣٩ وما بعدها، شذرات الذهب ١/ ٢٢٧ وما بعدها".
٤ ساقطة من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>