للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا فَالابْتِدَاءُ مُحْتَاجٌ١ إلَى رِضَى مَنْ يَبْتَدِيهَا وَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: فَارِقْ الْكُلَّ وَابْتُدِئَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شِئْت, فَيُضَيِّعُ قَوْلَهُ "اخْتَرْ أَرْبَعًا"؛ لأَنَّهُ قَدْ لا يَرْضَيْنَ٢ أَوْ بَعْضُهُنَّ.

وَأَيْضًا الأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ, وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي الأَصْلِ.

وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: هَذَا الْحَدِيثُ لا تَأْوِيلَ فِيهِ وَلَوْ صَحَّ عِنْدِي لَقُلْت بِهِ.

"وَأَبْعَدُ مِنْهُ" أَيْ مِنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ تَأْوِيلُهُمْ "قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَنْ٣ أُخْتَيْنِ "اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا ٤ شِئْت" عَلَى أَحَدِ الأَمْرَيْنِ"٥ يَعْنِي عَلَى ابْتِدَاءِ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا، إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ إمْسَاكِ الأُولَى مِنْهُمَا، إنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ٦.

وَإِنَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لأَنَّ النَّافِيَ لِلتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الأَوَّلِ: هُوَ الأَمْرُ الْخَارِجُ عَنْ اللَّفْظِ، وَهُوَ شَهَادَةُ الْحَالِ، وَهُنَا انْضَمَّ إلَى شَهَادَةِ الْحَالِ مَانِعٌ


١ في شك محتاج.
٢ في ش: لا يرضينه.
٣ في ش: عن.
٤ أخرجه بهذا اللفظ الترمذي من حديث فيروز الديلمي رضي الله عنه"عارضة الأحوذي ٥/٦٣" وأخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والبيهقي عن فيروز الديلمي أيضاً بلفظ "طلق أيتهما شئت". وفي رواية أخرى للدارقطني والبيهقي عن فيروز الديلمي قال: أسلمت وتحتي أختان، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسك أيتهما شئت، وأفارق الأخرى. "انظر بذل المجهود ١٠/٣٨٤، سنن ابن ماجه ١/٦٢٧، سنن الدارقطني ٣/٢٧٣، سنن البيهقي ٧/١٨٤".
٥ انظر تيسير التحرير ١/١٤٥، فواتح الرحموت ٢/٢١، الإحكام للآمدي ٣/٥٥، شرح العضد ٢/١٦٩، البرهان ١/٥٣١، المستصفى ١/٣٩٠.
٦ في ش: متفرقتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>