للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُرَجِّحُ هَذَا التَّقْدِيرَ مُوَافَقَتُهُ لِرِوَايَةِ الرَّفْعِ, لَكِنَّ الْجُمْهُورَ وَهِمُوا رِوَايَةَ النَّصْبِ وَقَالُوا: الْمَحْفُوظُ الرَّفْعُ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ١ وَغَيْرُهُ، إمَّا لأَنَّ "ذَكَاةَ" الأَوَّلَ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ, وَ "ذَكَاةَ" الثَّانِيَ هُوَ الْمُبْتَدَأُ، أَيْ ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةٌ لَهُ، وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ لِلْجَنِينِ مَزِيَّةٌ, وَحَقِيقَةُ الْجَنِينِ مَا كَانَ فِي الْبَطْنِ.

فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُذَكَّى كَذَكَاةِ أُمِّهِ، بَلْ إنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ كَافِيَةٌ عَنْ تَذْكِيَتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْبَيْهَقِيّ٢ "ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ".

"وَ"َ أْوِيلُهُمْ أَيْضًا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آيَتَيْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ: {وَلِذِي الْقُرْبَى} ٣: عَلَى الْفُقَرَاءِ" دُونَ الأَغْنِيَاءِ "مِنْهُمْ" أَيْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى٤.

قَالُوا: لأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفْعُ الْخَلَّةِ، وَلا خَلَّةَ مَعَ الْغِنَى٥.

فَعَطَّلُوا لَفْظَ الْعُمُومِ مَعَ ظُهُورِ أَنَّ الْقَرَابَةَ هِيَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَلَوْ مَعَ الْغِنَى، لِتَعْظِيمِهَا وَتَشْرِيفِهَا مَعَ إضَافَتِهِ بلاَّمُ التَّمْلِيكِ.

وَلا يَلْزَمُنَا نَحْنُ الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ ذَلِكَ فِي الْيَتِيمِ، لِلْخِلافِ فِيهِ.

فَإِنْ عَلَّلُوا بِالْفَقْرِ وَلَمْ تَكُنْ قَرَابَةٌ عَطَّلُوا لَفْظَ "ذِي الْقُرْبَى"، وَإِنْ


١ معالم السنن ٤/١٢١.
٢ الحديث بهذا اللفظ غير موجود في السنن الكبرى للبيهقي، وقد جاء فيها نص قريب منه عن ابن عمر موقوفاً: "إذا نحرت الناقة فذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره، وإذا خرج من بطنها حياً، ذبح حتى يخرج الدم من جوفه". "انظر السنن الكبرى ٩/٣٣٥".
٣ الآية ٤١ من الأنفال. والآية ٧ من الحشر.
٤ انظر: البرهان ١/٥٥٣، تيسير التحرير ١/١٤٨، المستصفى١/٤٠٧، الإحكام للآمدي ٣/٦٠، فواتح الرحموت ٢/٢٨، شرح العضد ٢/١٧١.
٥ في ع: الغناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>