للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَلا فَرْقَ عَقْلاً بَيْنَ أَنْ يَعْصِيَ أَوْ يُطِيعَ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ لِعِصْيَانِهِ١. اهـ.

"وَ" يَجُوزُ النَّسْخُ "عَقْلاً" بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الشَّرَائِعِ سِوَى الشمْعَثيَّةِ٢ مِنْ الْيَهُودِ.

وَكَذَا يَجُوزُ سَمْعًا بِاتِّفَاقٍ أَهْلِ الشَّرَائِعِ سِوَى الْعَنَانِيَّةِ٣ مِنْ الْيَهُودِ, فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَهُ عَقْلاً لا سَمْعًا، وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو مُسْلِمٍ الأَصْفَهَانِيُّ٤.


١ في ش: بعصيانه.
٢ في ش: السمعتية، وكلاهما تصحيف، إذ لم نعثر على فرقة من اليهود بهذه التسمية. ولعل الصواب "الشمعونية" كما قال الأسنوي في نهاية السول"٢/١٦٧" والشوكاني في إرشاد الفحول "ص١٨٥" وعبد العلي في فواتح الرحموت "٢/٥٥" وغيرهم.
و"الشمعونية" ينتسبون إلى شمعون بن يعقوب كما ذكر الدكتور مصطفى زيد في كتابه "النسخ في القرآن الكريم" ١/٢٧، وعلي حسن العريض في كتابه "فتح المنان في نسخ القرآن" ص١٤٣.
٣ العنانية: فرقة من اليهود ينتسبون إلى عنان بن داود، وهم يخالفون سائر اليهود في السبت والأعياد، وينهون عن أكل الطير والظباء والسمك والجراد، ويصدقون عيسى عليه السلام في مواعظه وإرشاداته، ويقولون إنه من بني إسرائيل المتعبدين بالتوراة والمستجيبين لموسى عليه السلام، إلا أنهم لا يقولون بنبوته ورسالته. "الملل والنحل للشهرستاني ١/٢١٥، الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم ١/٩٩".
٤ لقد اضطربت النقول عن أبي مسلم الأصفهاني في مسألة جواز النسخ وعدمه، فحكي عنه منع النسخ بين الشرائع، ونقل بعضهم عنه منع النسخ في القرآن الكريم، وتحقيق مذهبه أنه لم يخالف جمهور أهل السنة القائلين بجواز النسخ عقلاً وشرعاً في الحقيقة ونفس الأمر، ولكنه خالفهم في اللفظ والمصطلح. قال المحلي في "شرح جمع الجوامع" "٢/٨٨": "النسخ واقع عند كل المسلمين، وسماه أبو مسلم الأصفهاني من المعتزلة تخصيصاً، لأنه قصر الحكم على بعض الأزمان، فهو تخصيص في الأزمان كالتخصيص في الأشخاص. فقيل: خالف في وجوده حيث لم يذكره باسمه المشهور، فالخلف الذي حكاه الآمدي وغيره عنه من نفيه وقوعه لفظي لما تقدم من تسميته تخصيصاً". وقال السبكي في كتابه "رفع الحاجب" "٢/ق ١٣٢ب": "وأنا أقول: الإنصاف أن الخلاف بين أبي مسلم والجماعة لفظي، وذلك أن أبا مسلم يجعل ما كان مغيا في علم الله تعالى كما هو مغيا باللفظ، ويسمى الجميع تخصيصاً، ولا فرق عنده بين أن يقول "وأتموا الصيام إلى الليل" وأن يقول: صوموا مطلقاً وعلمه محيط بأنه سينزل: لا تصوموا وقت الليل. والجماعة يجعلون الأول تخصيصاً والثاني نسخاً. ولو أنكر أبو مسلم النسخ بهذا المعنى لزمه إنكار شريعة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإنما يقول: كانت شريعة السابقتين مغياة إلى مبعثه عليه الصلاة والسلام. وبهذا يتضح لك الخلاف الذي حكاه بعضهم في أن هذه الشريعة مخصصة للشرائع أو ناسخة، وهذا معنى الخلاف". "انظر تحقيق الدكتور محمد حسن هيتو للمسألة في هامش التبصرة للشيرازي ص٢٥١".

<<  <  ج: ص:  >  >>