للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثَالُ مَا اعْتَبَرَ فِيهِ جِنْسَ الْوَصْفِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، عَكْسُ الَّذِي قَبْلَهُ: مِنْهُ١ الْمَشَقَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالْمُسَافِرِ فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهَا فِي عَيْنِ سُقُوطِ الْقَضَاءِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ، فَسَقَطَ بِهَا الْقَضَاءُ فِي صَلاةِ الْحَائِضِ قِيَاسًا.

وَإِنَّمَا جُعِلَ الْوَصْفُ هُنَا جِنْسًا، وَالإِسْقَاطُ نَوْعًا؛ لأَنَّ مَشَقَّةَ السَّفَرِ نَوْعٌ مُخَالِفٌ لِمَشَقَّةِ الْحَيْضِ. وَأَمَّا السُّقُوطُ: فَأَمْرٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ٢ مَحَالُّهُ٣.

وَمِثَالُ مَا اُعْتُبِرَ جِنْسُ الْوَصْفِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ مِنْهُ: مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ أَنَّهُ إذَا شَرِبَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، فَيَكُونُ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُفْتَرِي٤ أَيْ الْقَاذِفَ.


١ أي من الملائم. وفي ع ب: من. وفي ش: صفة.
٢ في ز ع ب ض: اختلف.
٣ في ز: محله.
٤ أخرجه الدارقطني في سننه والشافعي في مسنده ومالك في الموطأ، وفيها أن عمر بن الخطاب استشاره في الخمر يشربها الرجل، فقال علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى.
"انزر سنن الدارقطني ٣/١٥٧، الموطأ ٢/٨٤٢، مسند الشافعي ٢/٩٠، التلخيص الحبير ٤/٧٥".
وقد روى ابن حزم هذا الأثر م نطرق مختلفة وبألفاظ متقاربة ع نعلي رضي الله عنه لا عن عمر، وناقش تلك المرويات بتوسع وردّها وقال: "كل ما ورد في ذلك قد تقصيناه، وكله ساقط لا حجة فيه، مضطرب ينقض بعضه بعضاً" "انظر الإحكام لابن حزم ٧/١٠١١ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>