للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدَّعٍ وَمُدَّعَى مَا يَرُومُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَخْتَارُ، وَلَوْ مُكِّنَ كُلُّ مَانِعٍ مِنْ مُمَانَعَةِ مَا يَسْمَعُهُ مَتَى شَاءَ: لأَدَّى إلَى الْخَبْطِ وَعَدَمِ الضَّبْطِ. وَإِنَّمَا الْمَرَاسِمُ الْجَدَلِيَّةُ تَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَتُبَيِّنُ١ الْمُسْتَقِيمَ مِنْ السَّقِيمِ فَمَنْ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا كَانَ فِي مُنَاظَرَاتِهِ كَحَاطِبِ لَيْلٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الاشْتِقَاقُ. فَإِنَّ الْجَدَلَ مِنْ قَوْلِك: جَدَلْتُ الْحَبْلَ أَجْدِلُهُ جَدْلاً إذَا فَتَلْته فَتْلاً مُحْكَمًا.

وَقَالَ أَيْضًا: أَوَّلُ مَا تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِ٢: حُسْنُ الْقَصْدِ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ طَلَبًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ آنَسَ مِنْ نَفْسِهِ الْحَيْدَ عَنْ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ فَلْيَكُفَّهَا بِجَهْدِهِ، فَإِنْ مَلَكَهَا، وَإِلاَّ فَلْيَتْرُكْ الْمُنَاظَرَةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَلْيَتَّقِ السِّبَابَ وَالْمُنَافَرَةَ فَإِنَّهُمَا يَضَعَانِ الْقَدْرَ، وَيُكْسِبَانِ الْوِزْرَ، وَإِنْ زَلَّ خَصْمُهُ فَلْيُوقِفْهُ عَلَى زَلَلِهِ، غَيْرَ مُخْجِلٍ لَهُ بِالتَّشْنِيعِ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَصَرَّ أَمْسَكَ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الزَّلَلُ مِمَّا يُحَاذِرُ اسْتِقْرَارَهُ عِنْدَ السَّامِعِينَ، فَيُنَبِّهُهُمْ٣ عَلَى الصَّوَابِ فِيهِ بِأَلْطَفِ الْوُجُوهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ. انتهى.


= قوله. وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق، والمحاورة هي المراجعة في الكلام، ومنه التحاور.
انظر: مناهج الجدل ص ٢٥، الكافية في الجدل ص ١٩، مفتاح السعادة ١/٣٠٤، ٢/٥٩٩، فواتح الرحموت ٢/٣٣٠.
١ في ب ز: وبين.
٢ في ز: به البداءة
٣ في ش: فينبه

<<  <  ج: ص:  >  >>