للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: "أَنْ يَتَصَوَّرَهُ بِوَجْهٍ مَا" أَيْ بِوَجْهٍ مِنْ الإِجْمَالِ؛ لأَنَّ طَلَبَ الإِنْسَانِ مَا لا يَتَصَوَّرُهُ مُحَالٌ بِبَدِيهَةِ١ الْعَقْلِ، وَطَلَبُ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ جِهَةِ تَفْصِيلِهِ مُحَالٌ أَيْضًا؛ لأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ.

"وَ" الأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ "يَعْرِفَ غَايَتَهُ" لِئَلاَّ يَكُونَ "سَعْيُهُ فِي طَلَبِهِ عَابِثًا"٢.

"وَ" الأَمْرُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْرِفَ "مَادَّتَهُ" أَيْ مَا يَسْتَمِدُّ ذَلِكَ الْعِلْمُ مِنْهُ؛ لِيَرْجِعَ فِي جُزْئِيَّاتِهِ إلَى مَحَلِّهَا.

وَأَصْلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: أَنَّ كُلَّ مَعْدُومٍ يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَى أَرْبَعِ عِلَلٍ٣:

- صُورِيَّةٍ: وَهِيَ الَّتِي تَقُومُ بِهَا صُورَتُهُ. فَتَصَوُّرُ الْمُرَكَّبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَصَوُّرِ أَرْكَانِهِ. وَانْتِظَامِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ.

- وَغَائِيَّةٍ: وَهِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى٤ إيجَادِهِ. وَهِيَ الأُولَى فِي الْفِكْرِ، وَإِنْ كَانَتْ آخِرًا فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ. وَلِهَذَا يُقَالُ: "مَبْدَأُ الْعِلْمِ مُنْتَهَى الْعَمَلِ".

- وَمَادِّيَّةٍ٥: وَهِيَ الَّتِي تُسْتَمَدُّ مِنْهَا الْمُرَكَّبَاتُ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا.


١ في ب: ببديه.
٢ في ش: في طلبه عابثاً.
٣ جاء في لقطة العجلان وشرحها الأنصاري: كل موجود ممكن لا بدّ له من أسباب –أي علل- أربعة؛ المادة: وهي ما يكون الشيء موجوداً به بالقوة. وتسميتها مادة باعتبار توارد الصور المختلفة عليها. والصورة: هي ما يكون الشيء موجوداً به بالفعل. والفاعلية: وهي ما يؤثر في وجود الشيء. والغائية: وهي ما يصير الفاعل لأجله فاعلاً. ويقال هي الداعي للفعل. كالسرير: مادته الخشب، وصورته الانسطاح –أن انسطاحه-. أي هيئته التي هو عليها، وفاعليته النجّار، وغايته الاضطجاع عليه. "فتح الرحمن ص٣٩ وما بعدها".
٤ في ب: إلى.
٥ في ش: ومادته. وفي د ض ب: وماديته.

<<  <  ج: ص:  >  >>