للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضَافَةِ الْمَصْدَرِ بِنَصِّ النُّحَاةِ. فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} ١ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا٢.

وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَيُحْمَلُ "عَلَى بَقَائِهِ دُونَ نَسْخِهِ، إلاَّ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ" يَدُلُّ عَلَى خِلافِ مَا قُلْنَا، أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ، فَيُعْمَلُ بِهِ وَيُتْرَكُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

"وَيُحْمَلُ" اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنْ مُتَكَلِّمٍ لَهُ عُرْفٌ "عَلَى عُرْفِ مُتَكَلِّمٍ" كَالْفَقِيهِ مَثَلاً. فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى ٣عُرْفِهِ فِي ٣ كَلامِهِ وَمُصْطَلَحَاتِهِ وَكَذَا الأُصُولِيُّ وَالْمُحَدِّثُ وَالْمُفَسِّرُ وَاللُّغَوِيُّ، وَنَحْوُهُمْ مِنْ أَرْبَابِ الْعُلُومِ.

وَكَذَلِكَ إذَا سُمِعَ مِنْ الشَّارِعِ شَيْءٌ لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ٤ وَمَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ. فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ. كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ" ٥. فَإِنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، - وَهُوَ الدُّعَاءُ-، لَزِمَ أَنْ لا يَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الصَّلاةِ الْمَعْهُودَةِ فِي الشَّرْعِ. وَهِيَ الْعِبَادَةُ الْمَخْصُوصَةُ٦، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


١ الآية ٣ من المائدة.
٢ انظر شرح تنقيح الفصول ص١١٢-١١٤.
٣ في ش: عرف.
٤ في ش: لفظي.
٥ أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر مرفوعاً. والمراد بالطهور المصدر وهو التطهير الأعم من الوضوء والغسل. "انظر صحيح مسلم ١/ ٢٠٤، سنن أبي داود ١/ ١٤، سنن النسائي ١/ ٧٥، تحفة الأحوذي ١/ ٢٣، سنن ابن ماجة ١/ ١٠٠، فيض القدير ٦/ ٤١٥".
٦ انظر التمهيد للأسنوي ص٦١، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص١٣٩ وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص١١٢، ١١٤، اللمع للشيرازي ص٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>