للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعَرِّفُونَ الْوُجُوبَ نَظَرًا إلَى الاعْتِبَارَيْنِ١.

وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ خِطَابُهُ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ٢، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الأَوَّلِ، إلاَّ أَنَّ هَذَا أَصْرَحُ وَأَخَصُّ.

فَـ "خِطَابٌ" جِنْسٌ، وَهُوَ مَصْدَرُ خَاطَبَ، لَكِنَّ الْمُرَادَ٣ هُنَا الْمُخَاطَبُ بِهِ، لا مَعْنَى الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ تَوْجِيهُ الْكَلامِ لِمُخَاطَبٍ٤. فَهُوَ مِنْ إطْلاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ٥.


١ وتارة يعرفون الواجب، وهو وصف لفعل المكلف الذي طلب الشارع فعله، وكذا الحرام أو المحرم، فهو وصف لفعل المكلف الذي طلب الشارع تركه. "انظر: نهاية السول ١/ ٥٢، ٥٥، فواتح الرحموت ١/ ٥٩، تيسير التحرير ٢/ ١٣٤، شرح العضد على ابن الحاجب ١/ ٢٢٥، ٢٢٨".
٢ هذا تعريف الغزالي "المستصفى ١/ ٥٥" واعترض عليه العلماء بأنه غير مانع: لأنه يدخل فيه مثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات / ٩٦] فإنه دخل في الحد وليس بحكم، فزاد العلماء على التعريف قيداً يخصصه، ويخرج عنه ما دخل فيه، وهو قولهم: بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، ليندفع النقض، فإن قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ليس فيه اقتضاء أو تخيير أو وضع، وإنما هو إخبار بحال، ولكن العضد دافع عن التعريف بأن الألفاظ المستعملة في الحدود تعتبر فيها الحيثية، وإن لم يصرح بها، فيصير المعنى: المتعلق بأفعال المكلفين من حيث هم مكلفون، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} لم يتعلق به من حيث هو فعل المكلف، ولذلك عم المكلف وغيره. "انظر: شرح تنقيح الفصول ص٦٧، التمهيد ص٥، فواتح الرحموت ١/ ٥٤، نهاية السول ١/ ٣٨، إرشاد الفحول ص٦، شرح العضد على ابن الحاجب ١/ ٢٢٢، التعريفات ص٩٧".
٣ في ع ب ض: المراد به.
٤ في ش: إلى مخاطب.
٥ المخاطب به هو كلام الله تعالى، مع اختلاف العلماء في كون المراد الكلام النفسي الأزلي أم الألفاظ والحروف أم غيرها، فيه أقوال سيذكرها المصنف فيما بعد في المجلد الثاني "وانظر: جمع الجوامع ١/ ٤٧، نهاية السول ١/ ٣٩، تيسير التحرير ٢/ ١٣١، كشاف اصطلاحات الفنون ٢/ ٤٠٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>