للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: وَمِنْ الْعَجَبِ ١ مَا حُكِيَ عَنْ الْكَعْبِيِّ وَ ١ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَابْنِ بُرْهَانٍ وَالآمِدِيِّ٢: مِنْ إنْكَارِ الْمُبَاحِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَأَنَّهُ لا وُجُودَ لَهُ أَصْلاً، وَهُوَ خِلافُ الإِجْمَاعِ٣.

"وَلا مِنْهُ" أَيْ مِنْ الْمُبَاحِ "فِعْلُ غَيْرِ مُكَلَّفٍ"٤ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ،


١ في ز: ما حكى الكعبي عن. وفي ع ب ض/ ما حكى عن الكعبي.
٢ قال الآمدي: "وقد اعترض عليه "على الكعبي" من لا يعلم غور كلامه"، ثم قال: "وبالجملة وإن استبعده من استبعده فهو في غاية الغوص والإشكال، وعسى أن يكون عند غيري حله" "الإحكام ١/ ١٢٤، ١٣٥"، وقد اعتبر ابن السبكي والمحلي وابن الحاجب أن الخلاف لفظي بناء على توجيه الكعبي لمذهبه "جمع الجوامع، والمحلي عليه ١/ ١٧٣، مختصر ابن الحاجب ١/ ٦" وانظر: تيسير التحرير ٢/ ٢٢٧، نهاية السول ١/ ١٤٢، وقال المجد بن تيمية: "وقوّي ابنْ بَرْهان مذهبه "الكعبي" بناء على تقدير صحة من قال: إن النهي عن الشيء ذي الأضداد أمر بواحد منها، ورد الجوني عليه هذا الأصل، وهذا لا إشكال فيه" "المسودة ص٦٥".
٣ أجمعت الأمة على انقسام الأحكام الشرعية إلى إيجاب وندب وإباحة وكراهية وتحريم، فمنكر المباح يكون خارقاً للإجماع، وأوَّل الكعبي الإجماع بأنه إجماع على وجود المباح باعتبار الفعل في ذاته، مع قطع النظر عما يستلزمه ويحصل به: من ترك حرام، أما ما يلزم عن الفعل من ترك حرام فلا إجماع فيه.
واحتج الكعبي بأن كل فعل يوصف بالإباحة يكون وسيلة لترك الحرام، وذلك بالاشتغال به، وترك الحرام واجب، وكل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وردّ عليه: بأن المباح ليس هو نفس ترك الحرام، وإنما هو شيء يترك به الحرام، مع إمكان ترك الحرام بغيره، فهو أخص من ترك الحرام، وأنَّ كلام الكعبي يترتب عليه أن يكون المندوب واجباً، لأنه يشغل به عن الحرام، وأن يكون الحرام واجباً، إذا شغل به عن حرام آخر، وأن يكون الواجب حراماً إذا شغل به عن واجب آخر.
"انظر: المسودة ص٦٥، شرح العضد على ابن الحاجب ٢/ ٦، الإحكام، الآمدي ١/ ١٢٤، تيسير التحرير ٢/ ٢٢٦، نهاية السول ١/ ١٤٢، المستصفى ١/ ٧٤، فواتح الرحموت ١/ ١١٤".
٤ هذا الحكم فرع عن أصل مختلف فيه بين أهل السنة والمعتزلة، وهو: هل المباح حكم شرعي؟ قالت المعتزلة: الإجابة ليست حكماً شرعياً، بل حكم عقلي، لأن المباح ما انتفى الحرج =

<<  <  ج: ص:  >  >>