للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أَوْ" يَكُونُ الْمَانِعُ١ "لِسَبَبِهِ" أَيْ سَبَبِ الْحُكْمِ، وَالْمَانِعُ هُنَا: "وَصْفٌ يُخِلُّ وُجُودُهُ بِحِكْمَةِ السَّبَبِ" "كَدَيْنٍ مَعَ مِلْكِ نِصَابٍ"، وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ حِكْمَةَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّصَابِ - الَّذِي هُوَ السَّبَبُ- كَثْرَةُ تَحَمُّلِ الْمُوَاسَاةِ مِنْهُ٢، شُكْرًا عَلَى نِعْمَةِ ذَلِكَ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ ٣ الْمَدِينُ مُطَالَبًا ٣ بِصَرْفِ الَّذِي يَمْلِكُهُ فِي الدَّيْنِ صَارَ كَالْعَدَمِ٤.

وَسُمِّيَ٥ الأَوَّلُ: مَانِعَ الْحُكْمِ؛ لأَنَّ سَبَبَهُ مَعَ بَقَاءِ حِكْمَتِهِ لا يُؤَثِّرُ. وَالثَّانِي: مَانِعُ السَّبَبِ، لأَنَّ حِكْمَتَهُ فُقِدَتْ مَعَ وُجُودِ صُورَتِهِ فَقَطْ، فَالْمَانِعُ: يَنْتَفِي الْحُكْمُ لِوُجُودِهِ. وَالشَّرْطُ: يَنْتَفِي الْحُكْمُ لانْتِفَائِهِ.

"وَنَصْبُ هَذِهِ" الأَشْيَاءِ، وَهِيَ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ وَالشَّرْطُ وَالْمَانِعُ "مُفِيدَةً" أَيْ حَالَ إفَادَتِهَا "مُقْتَضَيَاتِهَا" وَالْمَعْنَى: أَنَّ نَصْبَهَا لِتُفِيدَ مَا اقْتَضَتْهُ مِنْ الأَحْكَامِ "حُكْمٌ شَرْعِيٌّ" أَيْ قَضَاءٌ مِنْ الشَّارِعِ بِذَلِكَ٦. فَجَعْلُ الزِّنَا سَبَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَوُجُوبُ الْحَدِّ حُكْمٌ آخَرُ. وَكَذَا وُجُوبُ حَدِّ الْقَذْفِ مَعَ جَعْلِ الْقَذْفِ سَبَبًا لَهُ. وَوُجُوبُ الْقَطْعِ مَعَ نَصْبِ السَّرِقَةِ سَبَبًا لَهُ، وَوُجُوبُ الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ أَوْ الْقِصَاصِ، مَعَ نَصْبِ الرِّدَّةِ أَوْ الْقَتْلِ سَبَبًا. وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.


١ في ز: المنع.
٢ ساقطة من ش.
٣ في ش: الدين مطابقاً.
٤انظر: مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه ٢/ ٧، الإحكام، للآمدي ١/ ١٣٠، المدخل إلى مذهب أحمد ص٦٩، تقريرات الشربيني على جمع الجوامع ١/ ٩٧، فواتح الرحموت ١/ ٦١، مناهج العقول ١/ ٦٩، حاشية التفتازاني على العضد ٢/ ٧، إرشاد الفحول ص٧.
٥ في ش: ومسمى، وفي ض: سُمّي.
٦ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١٣٠، نهاية السول ١/ ٧٠، وما بعدها، مختصر الطوفي ص٣٢، الروضة ص٣١، المدخل إلى مذهب أحمد ص٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>