للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا: فَوَجْهُ الْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ: أَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ بِنَفْيِ الْفِعْلِ لَكَانَ مُسْتَدْعًى حُصُولُهُ مِنْهُ، وَلا يُتَصَوَّرُ، لأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ، لأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ، وَرَدَّهُ أَبُو هَاشِمٍ فَقَالَ: بَلْ هُوَ مَقْدُورٌ١، وَلِهَذَا يُمْدَحُ بِتَرْكِ الزِّنَا، وَرَدُّوهُ بِأَنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ مُسْتَمِرٌّ فَلَمْ تُؤَثِّرْ الْقُدْرَةُ فِيهِ٢.

"وَيَصِحُّ" التَّكْلِيفُ "بِهِ" أَيْ بِالْفِعْلِ "حَقِيقَةً" أَيْ عَلَى الْحَقِيقَةِ لا الْمَجَازِ "قَبْلَ حُدُوثِهِ" أَيْ الْفِعْلِ٣.

قَالَ الآمِدِيُّ: "اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ حُدُوثِهِ، سِوَى شُذُوذٍ مِنْ أَصْحَابِنَا"٤.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إذَا تَقَدَّمَ الأَمْرُ عَلَى الْفِعْلِ كَانَ أَمْرًا عِنْدَنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ.

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ٥: نَقَلَ الأَكْثَرُونَ٦ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ. نَقَلَهُ


١ يقول أبو هاشم، إن متعلق التكليف في النهي: هو العدم الأصلي، لأن تارك الزانى ممدوح حتى مع الغفلة عن ضدية ترك الزنا، وردَّ عليه بأن المدح إنما يكون عن كف النفس عن المعصية. "انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١٤٧، تيسير التحرير ٢/ ١٣٥، التمهيد ص٢٠، مختصر الطوفي ص١٧".
٢ انظر: الإحكام، الآمدمي ١/ ١٤٧، المستصفى ١/ ٩٠، العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٤.
٣ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١٤٨، العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٤، فواتح الرحموت ١/ ١٣٤، تيسير التحرير ٢/ ١٤١، المسودة ص٥٥، إرشاد الفحول ص١٠.
٤ الإحكام، له ١/ ١٤٨.
٥ هو عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن الحسين، البغدادي، أبو محمد، الفقيه المالكي الأصولي الشاعر، الأديب العابد الزاهد، تولى القضاء بالعراق ومصر، له مؤلفات في الفقه، منها: "المعونة في شرح الرسالة" و "النصرة لمذهب مالك" مائة جزء، و "الإشراف على مسائل الخلاف"، و "شرح المدونة"، وله مؤلفات في الأصول منها: "أوائل الأدلة" و "الإفادة" و "التلخيص" و "التلقين"، وله "عين المسائل" توفي سنة ٤٢٢ هـ بمصر "انظر: الديباج المذهب ٢/ ٢٦، وفيات الأعيان ٢/ ٣٨٧، شذرات الذهب ٣/ ٢٢٣، الفتح المبين ١/ ٢٣٠، فوات الوفيات ٢/ ٤٤".
٦ في ع: أكثرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>