للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَصْلُ فِي الإِطْلاقِ: الْحَقِيقَةُ. قَالَ الأَشْعَرِيُّ: لَمَّا كَانَ يَسْمَعُهُ بِلا انْخِرَاقٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُهُ بِلا حَرْفٍ وَلا صَوْتٍ.

وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ: "أَنَّ قَوْمًا جَعَلُوا الْكَلامَ حَقِيقَةً فِي الْمَعْنَى مَجَازًا فِي الْعِبَارَةِ. وَقَوْمًا عَكَسُوا، وَقَوْمًا قَالُوا: بِالاشْتِرَاكِ. فَهِيَ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ وَنُقِلَتْ عَنْ الأَشْعَرِيِّ١".

وَالْمَعْنَى النَّفْسِيُّ نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ، وَنَعْنِي بِالنِّسْبَةِ بَيْنَ الْمُفْرَدَيْنِ: أَيْ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُفْرَدَيْنِ، تَعَلُّقَ أَحَدِهِمَا بِالآخَرِ، وَإِضَافَتَهُ إلَيْهِ عَلَى جِهَةِ الإِسْنَادِ الإِفَادِيِّ، بِحَيْثُ٢ إذَا عُبِّرَ عَنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ بِلَفْظٍ يُطَابِقُهَا وَيُؤَدِّي مَعْنَاهَا: كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ إسْنَادًا إفَادِيًّا٣. وَمَعْنَى قِيَامِ النِّسْبَةِ بِالْمُتَكَلِّمِ: مَا قَالَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيّ٤، وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: اسْقِنِي مَاءً فَقَبْلَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ قَامَ بِنَفْسِهِ تَصَوُّرُ حَقِيقَةِ السَّقْيِ وَحَقِيقَةِ الْمَاءِ وَالنِّسْبَةِ الطَّلَبِيَّةِ بَيْنَهُمَا. فَهَذَا هُوَ الْكَلامُ النَّفْسِيُّ. وَالْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ، وَصِيغَةُ٥ قَوْلِهِ: "اسْقِنِي مَاءً"، عِبَارَةٌ عَنْهُ ٦وَدَلِيلٌ عَنْهُ٦.


= ٥٠٨. وقد نسبه إلى الأخطل ابن هشام في شذور الذهب ص ٢٨، وابن يعيش الحلبي في "شرح المفصل للزمخشري ١/ ٢١"، "والجاحظ في البيان والتبيين ١/ ٢١٨" والقرافي في شرح تنقيح الفصول ص ١٢٦ وغيرهم. انظر: معجم شواهد العربية ١/ ٢٧١.
١ المستصفى ١/ ١٠٠. وانظر: فواتح الرحموت ٢/ ٦، فتاوى ابن تيمية ١٢/ ٦٧، القواعد والفوائد الأصولية ص ١٥٤، جمع الجوامع والمحلي عليه ٢/ ١٠٤.
٢ في ز ض ع ب: أي بحيث.
٣ انظر: فواتح الرحموت ٢/ ٣، مختصر ابن الحاجب ٢/ ١٨، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه ٢/ ١٠٣.
٤ انظر الأربعين في أصول الدين للرازي ص ١٧٤، غاية المرام ص ٩٧.
٥ في د: وهو صيغة.
٦ ساقطة من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>