للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: إنْ عَنَيْتُمْ اسْتِحَالَتَهُ بِالإِضَافَةِ إلَى الشَّاهِدِ. فَسَمَاعُ كَلامٍ١ بِدُونِ تَوَسُّطِ صَوْتٍ وَحَرْفٍ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ عَنَيْتُمْ اسْتِحَالَتَهُ مُطْلَقًا فَلا نُسَلِّمُ، إذْ الْبَارِي جَلَّ جَلالُهُ عَلَى خِلافِ الْمُشَاهَدِ٢ وَالْمَعْقُولِ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. وَقَدْ وَرَدَتْ النُّصُوصُ بِمَا قُلْنَاهُ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ. اهـ.

وَ٣قَالَ الْحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ٤ عَنْ قَوْلِ الأَشْعَرِيِّ: "لَمَّا كَانَ سَمْعُهُ بِلا انْخِرَاقٍ. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُهُ بِلا حَرْفٍ وَلا صَوْتٍ" هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَلا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ سَمْعَهُ لَمَّا كَانَ بِلا انْخِرَاقٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُهُ بِلا لِسَانٍ وَشَفَتَيْنِ وَحَنَكٍ. وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ الْكَلامُ مِنْ٥ غَيْرِ حَرْفٍ، وَكَانَتْ الْحُرُوفُ عِبَارَةً عَنْهُ، لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُحْكَمَ لِتِلْكَ الْعِبَارَةِ بِحُكْمٍ، إمَّا أَنْ يَكُونَ أَحْدَثَهَا فِي صَدْرٍ أَوْ لَوْحٍ، أَوْ أَنْطَقَ بِهَا بَعْضَ عَبِيدِهِ فَتَكُونَ مَنْسُوبَةً إلَيْهِ. فَيَلْزَمَ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ: أَنْ يُفْصِحَ بِمَا عِنْدَهُ فِي٦ السُّوَرِ وَالآيِ وَالْحُرُوفِ: أَهِيَ٧ عِبَارَةُ جِبْرِيلَ أَوْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؟


١ في ش: كلامه.
٢ في ز ع ب ض: المشاهدة.
٣ ساقطة من ب.
٤ هو عبيد الله بن سعيد بن حاتم، أبو نصر السجستاني أو السجزي، نسبة إلى سجستان، الإمام الحافظ، كان متقناً بصيراً بالحديث والسنة، واسع الرواية، نزيل الحرم ومصر، وله كتاب "الإبانة الكبرى" في القرآن. وهو كتاب طويل يدل على إمامته وبصره بالرجال والطرق، مات بمكة سنة ٤٤٤هـ.
انظر ترجمته في "العقد الثمين ٥/ ٣٠٧، تذكرة الحفاظ ٣/ ١١١٨، حسن المحاضرة ١/ ٣٥٣، شذرات الذهب ٣/ ٢٧١، طبقات الحفاظ ص ٤٢٩".
٥ ساقطة من ز ع ب ض.
٦ في ع: من.
٧ في ش: هي.

<<  <  ج: ص:  >  >>