للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَائِمِ بِالذَّاتِ. قِيلَ لَهُ: فَهَذَا الْكَلامُ الْمَنْظُومُ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ قِرَاءَةِ الْقُرَّاءِ هُوَ١ مَوْجُودٌ قَطْعًا وَثَابِتٌ، فَهَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْعِبَارَةِ وَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ غَيْرُهُ٢ أَوْ غَيْرُهُمَا؟

فَإِنْ جَعَلْته غَيْرَهُمَا: بَطَلَ اقْتِصَارُك عَلَى٣ الْعِبَارَةِ وَالْمُعَبَّرِ عَنْهُ، وَإِنْ جَعَلْته أَحَدَهُمَا: لَزِمَك إنْ لَمْ تُثْبِتْ إلاَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَالْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالذَّاتِ أَنْ تَجْعَلَهُ نَفْسَ مَا سُمِعَ٤ مِنْ الْقُرَّاءِ، فَتَجْعَلَ٥ عَيْنَ مَا بَلَّغَهُ الْمُبَلِّغُونَ هُوَ عَيْنُ مَا سَمِعُوهُ. وَهَذَا الَّذِي فَرَرْتَ٦ مِنْهُ.

وَأَيْضًا فَيُقَالُ لَهُ: الْقَارِئُ الْمُبَلِّغُ إذَا قَرَأَ، فَلا بُدَّ لَهُ فِيمَا يَقُومُ بِهِ مِنْ لَفْظٍ وَمَعْنًى، وَإِلاَّ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي قَامَ بِهِ عِبَارَةً عَنْ الْقُرْآنِ. فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي قَامَ بِهِ، لا عَنْ مَعْنًى قَامَ بِغَيْرِهِ.

فَقَوْلُهُمْ: "هَذَا هُوَ الْعِبَارَةُ عَنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالذَّاتِ" أَخْطَئُوا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَخْطَئُوا فِي بَيَانِ مَذْهَبِهِمْ. فَإِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ: إنَّ اللَّفْظَ الْمَسْمُوعَ مِنْ الْقَارِئِ حِكَايَةُ اللَّفْظِ الَّذِي عُبِّرَ بِهِ عَنْ مَعْنَى الْقُرْآنِ مُطْلَقًا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالذَّاتِ، وَلَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ: حِكَايَةٌ عَنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى. ثُمَّ إذَا عُرِفَ مَذْهَبُهُمْ بَقِيَ خَطَؤُهُمْ فِي أُصُولٍ:


١ في ع: هل. وفي ض: هل هو.
٢ ساقطة من ب.
٣ في ع: عن.
٤ في ب ع ض: يسمع.
٥ في ش ب ع ض: فيجعل.
٦ في ش: فرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>