للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: الْعِصْمَةُ خَلْقُ أَلْطَافٍ تُقَرِّبُ إلَى الطَّاعَةِ. وَلَمْ يَرُدُّوهَا إلَى الْقُدْرَةِ ١لأَنَّ الْقُدْرَةَ٥ عِنْدَهُمْ عَلَى الشَّيْءِ صَالِحَةٌ لِضِدِّهِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلاَّنِيُّ: لا تُطْلَقُ الْعِصْمَةُ فِي غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمَلائِكَةِ إلاَّ بِقَرِينَةِ إرَادَةِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ السَّلامَةُ مِنْ الشَّيْءِ. وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي "الرِّسَالَةِ" "وَأَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ" ٢ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ٣.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ السَّلامَةَ أَعَمُّ مِنْ وُجُوبِ السَّلامَةِ. فَقَدْ تُوجَدُ السَّلامَةُ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ٤ وَالْمَلَكِ اتِّفَاقًا لا وُجُوبًا. قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ٥ فِي كِتَابِهِ "الإِيضَاحُ فِي الْجَدَلِ": الْعِصْمَةُ حِفْظُ الْمَحَلِّ بِالتَّأْثِيمِ وَالتَّضْمِينِ.


١ ساقطة من ش ز.
٢ الرسالة ص ١٠٢.
٣ انظر: الأربعين في أصول الدين للرازي ص ٣٢٩، ٣٣٤.
٤ في ض ب: النبي صلى الله عليه وسلم.
٥ هو يوسف بن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد التيمي البكري القرشي البغدادي، أبو محمد وأبو المحاسن ابن الجوزي، محيي الدين، العلامة الفاضل، الفقيه الأصولي، الواعظ الشهيد. كان كثير المحفوظ، قوي المشاركة في العلوم، وافر الحشمة. اشتغل بالفقه والخلاف والأصول، وبرع في ذلك، وكان أشهر فيها من والده. تولى الأعمال الجليلة، وأرسله الخليفة إلى ملوك الأطراف، وأنشأ مدرسة بدمشق، وهي المعروفة بالجوزية، ووقف عليها أوقافاً كثيرة، وكذلك فعل في بغداد، وله مصنفات كثيرة، منها: "معادن الإبريز في تفسير الكتاب العزيز"، و"المذهب الأحمد في مذهب أحمد"، و"الإيضاح في الجدل". قتل صبراً بسيف الكفار التتار شهيداً مع أبنائه الثلاثة سنة ٦٥٦هـ.
انظر ترجمته في "ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٥٨، طبقات المفسرين للداودي ٢/ ٣٨٠، شذرات الذهب ٥/ ٢٨٦، هدية العارفين ٦/ ٥٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>