للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلافِ رَأْيِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ١، كَانُوا يُفْتُونَ بِآرَائِهِمْ زَمَنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرِ أَنَّهُمْ٢ أَجْمَعُوا أَوْ لا، وَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُمْ فِي الإِجْمَاعِ مَعَهُمْ لَسَأَلُوا قَبْلَ إقْدَامِهِمْ عَلَى الْفَتْوَى: هَلْ أَجْمَعُوا أَمْ لا؟ لَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوا، فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ قَوْلِهِمْ مَعَهُمْ مُطْلَقًا٣.

وَسُئِلَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: "سَلُوا مَوْلانَا الْحَسَنَ. فَإِنَّهُ غَابَ وَحَضَرْنَا، وَحَفِظَ وَنَسِينَا"٤. فَقَدْ سَوَّغُوا اجْتِهَادَهُمْ، وَلَوْلا صِحَّتُهُ وَاعْتِبَارُهُ لَمَا سَوَّغُوهُ٥، وَإِذَا اُعْتُبِرَ قَوْلُهُمْ فِي الاجْتِهَادِ فَلْيُعْتَبَرْ فِي الإِجْمَاعِ؛ إذْ لا يَجُوزُ مَعَ تَسْوِيغِ الاجْتِهَادِ تَرْكُ الاعْتِدَادِ بِقَوْلِهِمْ وِفَاقًا. وَالأَدِلَّةُ السَّابِقَةُ تَتَنَاوَلُهُمْ. وَاخْتِصَاصُ الصَّحَابَةِ بِالأَوْصَافِ الشَّرِيفَةِ٦ لا يَمْنَعُ٧ مِنْ الاعْتِدَادِ بِذَلِكَ.

وَعِنْدَ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّ اتِّفَاقَ الصَّحَابَةِ مَعَ مُخَالَفَةِ التَّابِعِينَ يَكُونُ إجْمَاعًا. وَاخْتَارَهُ الْخَلاَّلُ وَالْحَلْوَانِيُّ وَالْقَاضِي أَيْضًا فِي بَعْضِ كُتُبِهِ٨، فَيَكُونُ لَهُ اخْتِيَارَانِ٩.


١ في ض: وغيره.
٢ في ش ز: منهم.
٣ انظر: تيسير التحرير ٣/ ٢٤١، فواتح الرحموت ٢/ ٢٢٢، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه ٢/ ٣٥، نهاية السول ٢/ ٣٨٧، المستصفى ١/ ١٨٥، الإحكام للآمدي ١/ ٢٤٠، الروضة ص ٧١.
٤ انظر: الروضة ص ٧١، اللمع ص ٥٠، مختصر الطوفي ص ١٣٢، إرشاد الفحول ص ٨١.
٥ في ب ض ع: سوغوا.
٦ في ش ز: الشرعية.
٧ في ع: تمنع.
٨ وهو كتاب "العدة". "انظر: المسودة ص ٣٣٣".
٩ وهو مرويّ عن إسماعيل بن علية، وعن نفاة القياس، وحكاه الباجي عن ابن خواز.....=

<<  <  ج: ص:  >  >>