للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ كَلامُ مَجْنُونٍ لا يَكُونُ صِدْقًا؛ لأَنَّهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ صِدْقَهُ وَلا كَذِبَهُ؛ لأَنَّهُ قَسِيمُ الْكَذِبِ١ عَلَى مَا زَعَمُوهُ. فَثَبَتَتْ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ٢.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى: أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ لَمْ يَفْتَرِ. فَيَكُونَ مَجْنُونًا؛ لأَنَّ الْمَجْنُونَ لا افْتِرَاءَ لَهُ لِعَدَمِ قَصْدِهِ٣.

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِنَحْوِ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي حَدِيثِ "إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" ٤: مَا كَذَبَ، وَلَكِنْ٥ وَهِمَ٦ ".


١ في ض: للكذب.
٢ انظر: فواتح الرحموت ٢/ ١٠٨، تيسير التحرير ٣/ ٢٨، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٥٠، شرح تنقيح الفصول ص ٣٤٧، الإحكام للآمدي ٢/ ١٠، الفروق ١/ ٢٦، إرشاد الفحول ص ٤٤.
٣ انظر: فواتح الرحموت ٢/ ١٠٨، تيسير التحرير ٣/ ٢٨، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٥٠، الفروق ١/ ٢٦، شرح تنقيح الفصول ص ٣٤٧، الإحكام للآمدي ٢/ ١٠، إرشاد الفحول ص ٤٤.
٤ رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والشافعي والبغوي عن ابن عمر مرفوعاً.
"انظر: صحيح البخاري ١/ ٢٢٣، صحيح مسلم ٢/ ٦٤١، سنن أبي داود ٢/ ١٧٢، سنن النسائي ٤/ ١٣، سنن ابن ماجه ١/ ٥٠٨، بدائع المنن ١/ ٢٠٥، شرح السنة ٥/ ٢٤٠ وما بعدها".
٥ في ب ع ض: ولكنه. وهي رواية ثانية عن مالك والشافعي وأحمد.
٦ روى كلام عائشة الإمام مسلم بلفظ: "إنكم لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ". والإمام مالك وأحمد بلفظ: "أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ"، والإمام الشافعي بلفظ: "أما إنه لم يكذب ولكنه أخطأ أو نسي".
"انظر: صحيح مسلم ٢/ ٦٤١، الموطأ ١/ ٢٣٤، مسند أحمد ٦/ ١٠٧، بدائع المنن ١/ ٢٠٥".
ووجه الاستدلال أن الوهم –وهو ما ليس عن اعتقاد، وإن خالف الواقع- ليس بكذب، وقد قبل جماهير الفقهاء والمحدثين حديث ابن عمر. وقال السيوطي: إنه متواتر، وبينوا المقصود منه................=

<<  <  ج: ص:  >  >>