أما بالنسبة للساعة يوم الجمعة، فقد اختلف فيها السلف اختلافاً كبيراً، حتى ذكر الحافظ في الفتح ثلاثاً وأربعين قولاً فيها، وذكر أدلتهم ومنازعهم, لكن أرجح هذه الأقوال اثنان: الأول: حديث أبي موسى, وهو الذي رجحه مسلم وصححه, والبيهقي وابن العربي وجماعة، وقال القرطبي: هو نص في موضع الخلاف، فلا يلتفت إلى غيره. وقال المحب الطبري: أصح الأحاديث فيها: حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال: قول عبد الله بن سلام. وقال النووي: هو الصحيح، بل الصواب. وجزم في الروضة بأنه الصواب، ورجحه أيضاً بكونه مرفوعاً، صريحاً وفي أحد الصحيحين. الثاني: حديث عبد الله بن سلام، وهي آخر ساعة من يوم الجمعة، فقال ابن عبد البر: إنه أثبت شيء في هذا الباب. ورجحه كثير من الأئمة كأحمد وإسحاق, ومن المالكية الطرطوشي. وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني، شيخ الشافعية في وقته، كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي, وحكى الترمذي عن أحمد أنه قال: أكثر الأحاديث على ذلك. وذكر ابن القيم أن ساعة الإجابة منحصرة في هذين الوقتين المذكورين، وأن أحدهما لا يعارض الآخر, لاحتمال أن يكون النبي ? دل على أحدهما في وقت، وعلى الآخر في وقت آخر. وهو كقول ابن عبد البر: الذي ينبغي: الاجتهاد في الدعاء في الوقتين المذكورين, وسبقه إلى نحوه الإمام أحمد، لذا ينبغي الاجتهاد في الدعاء فيهما، والله أعلم. وانظر: الفتح (٢/٤١٦، ٤٢٢) لمعرفة الأقوال فيها, والنووي (٦/١٤٠، ١٤١) ، وزاد المعاد (١/١٠٤، ١٠٦) .