للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"حديث ابن مسعود رضي الله عنه: إذا تكلَّم الله عَزَّ وَجَلَّ سُمِعَ له صَوْتٌ كَجَرّ السِّلْسِلة على الصَّفْوان".

قال أبي: "وهذا الجهميةُ تُنْكِرُهُ".

وقال أبي: هؤلاء كُفَّارٌ، يُريدونَ أن يُمَوِّهوا على النَّاسِ، مَنْ زَعَمَ أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لم يتكلَّمْ فهو كافرٌ، إلاَّ أنَّا نروي هذه الأحاديث كما جاءَت" (٣٩).

قلتُ: فهذه الأدلَّةُ كافيةٌ -لمَن استهدى- لإِثباتِ صفةِ تكلّم الرَّبّ تعالى بصوْتٍ, ونُمِرُّ ذلك كما جاء، فلا نكيّفُهُ، ولا نشبّهُهُ بصَوْتِ المَخلوق، ونقولُ: هو صَوْتٌ على الحقيقةِ، ونَبْرأ إلى الله تعالى من بدَعِ المبتَدعينَ، الَّذين لم يَعْرِفوا من الأدلَّةِ إلا الآراءَ المَذمومةَ، والظُّنون الفاسدة، المَحْرومينَ من نُورِ الكتاب والسُّنَّةِ وهَدْي خَيْر القُرون من السَّلَفِ والأئمَّةِ.

قال شيخُ الإِسلام: "واستفاضت الأثار عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والصَّحابةِ, والتابعين، ومَن بعدَهم من أئمَّةِ السُّنَّة، أنَّه سبحانه يُنادي بصَوْتٍ، نادى موسى، ويُنادي عِبادَه يومَ القيامةِ بصَوْتٍ، ويتكلَّمُ بالوحي بصَوتٍ, ولم يُنْقَل عن أحدٍ من السَّلَفِ أنه قال: إنَّ الله يتكلَّمُ بلا صَوْتٍ، أو بِلا حَرْفٍ، ولا أنَّهُ أنْكَرَ أنْ يَتَكَلَّمَ الله بصَوْتٍ، أو بحَرْفٍ" (٤٠).


(٣٩) رواه عبد الله بن أحمد فى "السُّنَّة" رقم (٥٣٤)، ونحوه روى الخلاَّلُ عن يعقوب بن بختان -أحد الثقات من أصحاب أحمد- عن أحمد -كما في "درء التعارض" ٢/ ٣٨ - .
(٤٠) "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥.

<<  <   >  >>