للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: "وليسَ في الأئمَّة والسَّلَف من قالَ: إنَّ الله لا يتكلَّمُ بصَوْتٍ، بل قَدْ ثبَتَ عن غير واحدٍ من السَّلَفِ والأئمَّة أنَّ الله يتكلَّمُ بصَوْتٍ، وجاءَ ذلك في آثارٍ مشهورةٍ عن السَّلَفِ والأئمَّةِ، وكانَ السَّلَفُ والأئمةُ يذكرونَ الآثارَ التي فيها ذكرُ تَكلُّمِ الله بالصَّوْتِ ولا يُنْكِرُها منهم أحدٌ" (٤١).

وقال الحافظُ أبو نَصْرٍ السِّجْزيُّ: "وليسَ في وجود الصَّوْتِ من الله تعالى تَشبيهٌ بمَنْ يوجَد الصَّوْتُ منه من الخَلْق, كما لَم يكنْ في إثباتِ الكلامِ له تشبيهٌ بمنْ له كلامٌ من خلقِهِ" (٤٢).

تنبيهان:

الأول: الفَرْقُ بين الحُروفِ التي يتكلَّمُ الله بها، والحُروفِ التي يتكلَّمُ بها المخلوق.

تنازع الناسُ في حُروف المعجم: هَلْ هي مخلوقةٌ؟ أو غيرُ مخلوقة؟

وليس في تحقيق ذلك كبيرُ فائدةٍ، وليس فيه نصٌّ عن معصومٍ يُصار إليه، وإنَّما يَجِبُ الكَفُّ عن إطلاقِ القَوْلِ بالخَلْقِ لئلاَّ يتوهّم متوهّمٌ أنَّ الحروفَ التي تكلَّم الله بها مخلوقةٌ.

وذكرَ شيخُ الإِسلام في غير مَوْضِع أنَّ الإِمامَ أحمدَ أنكَرَ الإِطلاقَ، لأنَّهُ مَسْلَكٌ إلى البِدْعَةِ, وإلى القَوْلِ بأنَّ القرآنَ مخلوقٌ (٤٣).

وكما يُمْنَع مِن إطلاق القَوْلِ بأنَّ الحروفَ مخلوقةٌ، يُمْنَع أيضاً


(٤١) "مجموع الفتاوى" ٦/ ٥٢٧، وانظر: ٢٤٤.
(٤٢) "درء تعارض العقل والنقل" ٢/ ٩٣.
(٤٣) انظر: "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٤١، ٨٤ - ٨٥، ٤٤٢.

<<  <   >  >>