للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكلامُ المؤلَّفُ من الحُروف الذي يُفيد معنًى يُفَصَّل فيه: فإنْ كانَ كلاماً لله تعالى كانَ غيرَ مخلوقٍ، وإنْ كان كلاماً للعبد يُنْشِئُهُ من تِلقاء نفسهِ، ولا يُريدُ به قِراءةَ كلام الله فهو مَخلوقٌ, فقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ....} [الأحزاب: ٣٧] غيرُ مخلوق، وقولك: (جاءَني زيدٌ فأكرمتُهُ) مخلوقٌ, لأنَّ الأوَّل كلامُ الله تعالى نظمه وحروفه، والثانيَ كلامُكَ نظمه وحروفه.

ولو قالَ قائلٌ: (محمَّدٌ رسولُ الله) أو: (ألف، لام، ميم) لم يصحّ فيه إطلاق أنَّه مخلوقٌ، أو غيرُ مخلوق، حتى يُسْتَفْصَل منه، فإنْ أرادَ بهِ قِراءةَ كلامِ اللهِ كانَ غيرَ مخلوقٍ، وإنْ كان أنشأهُ مبتدِئاً مِن نفسهِ، أو يُبَلِّغُهُ عن غيرهِ، وهو من إنشاءِ ذلكَ الغيرِ سِوى الله تعالى، كانَ مخلوقاً.

وقد سألَ الحافظُ الثِّقَةُ أحمدُ بن الحَسن الترمذيُّ الإِمامَ أحمَدَ فقال:

قلتُ لأحمدَ بن حنبل: إنَّ الناسَ قد وقَعوا في أمرِ القرآنِ، فكيف أقولُ؟

قال: "أليسَ أنت مخلوق؟ ".

قلتُ: نعَمْ.

قال: "فكلامُكَ منك مخلوقٌ؟ ".

قلت: نعم.


= أصحابَه: كيف تنطقون بالزاء مِن (زيد)؟ قالوا: نقول: (زا) قال: جئتم بالاسم، وإنَّما يقال: (زه) - "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٤٤٨ - .

<<  <   >  >>