للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلِ الهدى ودين الحقّ مَنْ يُنْكِرُ هذا القولَ ويَنْفيه" (٩١).

٢ - أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أضافَ صوتَ القارئ وتحسينَهُ إليه دونَ القرآنِ الذي هو كلام الله تعالى، وذلكَ في غير ما حديثٍ عنه، مِنْ ذلك قولُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "زينَّوا القرآنَ بأصِواتكم" (٩٢) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أذِنَ الله لشَيْءٍ، ما أذنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوتِ، يتغَّنى بالقرآنِ يَجْهَرُ به" (٩٣) ففرَّق النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بينَ صَوْتِ القارئ والقرآن المتلو الذي هو كلام الله، فأضافَ الصَّوْتَ إلى القارئ، لأنَّه من كَسْبِهِ وعَمَلِه.

٣ - القارىءُ إنَّما يُبَلّغُ القرآنَ بصوتهِ وحركَةِ نفسهِ، فالكلام كلامُ الباري، والصَّوْتُ صَوْتُ القارئ، وهذا المعنى مُتَصوَّرٌ معقولٌ في كلّ كلامٍ، فلِمَ لا يُتَصوَّر في كلام الله تعالى؟ فإنَّ المحدَّثَ إذا حدَّثَ بحديثِ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كذَبَ على متعمِّدًا فليتبوّأ مقعَدَهُ من النار" (٩٤)، فإنَّ الكلامَ كلامُ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بلا شَكٌ ولا رَيْب، والمحدّثُ إنَّما بلّغَهُ بصَوْتِ نفسِهِ، وحركةِ لِسانِهِ، ولا يقالُ: إنَّ الصَّوْتَ المسموعَ من المحدّث هو صَوْتُ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولَوْ قالَ ذلكَ قائلٌ لما كانَ معدودًا في عقلاءِ بني آدَم، فإذا كانَ هذا ظاهِرًا في كلام المخلوقِ، فأولى وأحْرى أنْ يكونَ أظهرَ في كلام الله تعالى، ذلكَ لأنَّ صِفةَ المَخلوقِ تشْبَهُ صِفَةَ مثلهِ ومَعَ ذلك أمكَنَ التَّمييزُ


(٩١) رسالته في السنَّة نص/١١٨.
(٩٢) حديث صحيح، سبق تخريجه ص: ١٧٤.
(٩٣) حديث صحيح.
متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة.
(٩٤) حديث متواتر.

<<  <   >  >>