للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن، وكذلكَ قولُهُ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} أي: ذكْرٍ حَدَثَ عندَهم لم يكن قبلَ ذلك" (١٢).

وقال شَيخُ الإِسلام: "المحدَثُ في الآية ليسَ هو المَخلوقَ الذي يقولُهُ الجَهميُّ، ولكنه الذي أنزلَ جَديداً، فإنَّ الله كانَ يُنْزِلُ القرآنَ شيئاً بعدَ شيْءٍ، فالمُنْزَلُ أوَّلاً هو قديمٌ بالنسبةِ إلى المُنْزَلِ آخراً، وكلُّ ما تقدَّمَ على غيرهِ فهو قديمٌ في لُغَةِ العرَب" (١٣).

وربَّما أجابَ بعضُ الأئمَّة بغير هذا، لكنَّ هذا أصَحُّ وأظهرُ.

• الشبهة الرابعة:

جَعَلَ الله أمرَه مقدوراً فقال: {وَكَانَ أمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً} [الأحزاب: ٣٨] وأمرُ الله: كلامُهُ، والمقدورُ: المخلوقُ.

جوابها:

إنَّ لفْظَ: (الأمر) إذا أضيفَ إلى الله تعالى يأتي على تَفْسيرينِ: الأوَّل: يُراد به المَصْدر، كقولهِ تعالى: {لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْر} [الأعراف: ٥٤] وهو غيرُ مخلوقٍ -كما ذكَرْناهُ في الباب الأوَّل في الاحتجاج لهذه المسألة-.

وهذا يُجْمَع على: (أوامر).

والثاني: يُراد به المفعولُ الذي هو المأمورُ المقدورُ، كقولهِ تعالى:


(١٢) "الاختلاف في اللفظ" ص: ٢٣٤ - ٢٣٥ - "عقائد السلف" -.
(١٣) "مجموع الفتاوى" ١٢/ ٥٢٢.

<<  <   >  >>