للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره" (١٩).

وقد نقَلَ الأشعريُّ نفسُه عن الإِمام أحمدَ قولَه: "نحنُ لا نَحْتاجُ أنْ نَشُكَّ في هذا القرآن عندَنا، فيه أسماءُ الله، وهو من عِلْمِ الله، فمَنْ قالَ لنا: إنَّه مخلوق، فهو عندَنا كافرٌ" (٢٠).

قُلْتُ: وهذا النَّصُّ متنزّلٌ على الأشعرية من وجُوهٍ:

الأوَّل: أنَّ الكلامَ عندهم مُغايِرٌ للعِلْم، وليسَ به مطلقاً.

قال الباجوريُّ الأشعريُّ: "والكلام: القوْلُ، وما كانَ مكتفياً بنفسهِ، والعلمُ هو المعرفةُ، كما يؤخَذُ من القاموس في مَواضع متعدّدةٍ، وإذا ثَبَتَ أنَّها متغايرةٌ لُغَةً كانت متغايرةً شَرْعاً، وبالجُمْلةِ فكُنْه كلِّ واحدةٍ غيرُ كُنْهِ الأخرى، ونفوّضُ علمَ ذلك لله تعالى" (٢١).

قلتُ: نحنُ لا نرتابُ في أنَّ كلام الله تعالى مِن علْمهِ، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: ١ - ٢] وكما قال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ...} [البقرة: ١٤٥] وكما قال: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: ٦١] وكان هذا من حُجَّةِ الإِمام أحمد على الجَهْميَّة فيما ذكَرْناهُ عنه في الباب الأوَّل (٢٢).


(١٩) رواه الحاكم في "تاريخه" -كما في "مجموع الفتاوى" ٦/ ١٧١ - ١٧٢ - وسنده صحيح.
(٢٠) "الإِبانة" ص: ٧١.
(٢١) "شرح الجوهرة" ص: ٨٦.
(٢٢) انظر: ص ١٢٤ - ١٢٥.

<<  <   >  >>