والثاني: كلامُ الله عندَهم لا يتبعَّضُ، وكذا علْمُه، والإِمام أحمد جعَل القرآن بَعْضاً من علْمهِ تعالى.
والثالث: قوله: "هذا القرآن" إشارةٌ إلى حاضِرٍ، وأكَّدَه بقولهِ:"عندَنا" وليس عندَنا إلاَّ هذا القرآنُ العربيُّ.
والرابع: أثْبَتَ أنَّ أسماءَ الله تعالى في هذا القرآن المُشار إليهِ، ولا يفْهَم أحَدٌ من ذلك إلاَّ الأسماءَ الحُسنى، كـ (الله، الرَّحمن، الرَّحيم) وغير ذلك، وهذه عنْدَ الأشعريَّةِ تَسْمياتٌ مخلوقةٌ، لكَوْنِها مؤلَّفةً من الحُروف، والقرآنُ العربيُّ نفسُه عندَهم مَخْلوق, لأنَّه مؤلَّفٌ من الحُروفِ، إلى غير ذلك من أباطيلِهم.
فالأشعربَّةُ خالَفوا نصَّ الإِمام أحمدَ من أوَّله إلى آخرهِ، فَتُرى على ماذا يَرِدُ قولُ أحمد رحمه الله:"فمن قالَ لنا: إنَّه مخلوق فهو عندنا كافر"؟ وعلى مَن؟!
وقد ذكَرْت آنفاً قولَ أحمد بن سعيد الدَّارميّ: قلتُ لأحمدَ بن حنبل: أقولُ لك قَوْلي، وإن أنكرتَ منه شيئاً فقُلْ: إني أنكِرُه، قلتُ له: نحن نقول: القرآنُ كلامُ الله من أوَّلهِ إلى آخرهِ، ليسَ منه شيءٌ مخلوقٌ، ومَن زغمَ أنَّ شيئاً منه مخلوقٌ فهوكافرٌ، فما أنكرَ منه شيئاً، ورَضِيَه (٢٣).
قلتُ: والأشعريةُ يقولونَ: الكلامُ الذي له أوَّلٌ وآخِرٌ ويَتَبَعَّض فهو مخلوقٌ.